أنقرة ( الزمان التركية ) –هواة القهوة يعرفون أن الشاي يحب التجمعات لكن القهوة تعشق الوحدة. وخلال استنشاقكم لرائحة النكهة دعونا نذهب في رحلة إلى تاريخ القهوة.
يُحكى أنه في القرن الثالث الميلادي كان يوجد راع يُدعى كالدي يعيش في إثيوبيا، وكانت الأغنام تنام قليلا وتركض كثيرا بعد تناولها فاكهة حمراء من على الشجرة. وفي أحد الأيام أقدم كالدي على تجربة الفاكهة وشعر بنشاط لم يسبق له أن شعر به.
حمل الفاكهة السحرية إلى قريته وكل المرضى الذين تناولوا الفاكهة استعادوا عافيتهم. وفي مرحلة ما كانت الفاكهة تُطحن ويُحتسى شرابها كعلاج، لكن هذا الأمر كان معروفا في شبه الجزيرة العربية حتى عهد السلطات العثماني يافوز سلطان سليم. ففي عام 1517 تغيير الوضع عندما بعث والي اليمن أوزدمير باشا القهوة التي يحتسيها في اليمن ويحبها كثيرا إلى إسطنبول، ودخلت القهوة مطبخ القصر كشراب رفيع الشأن.
ونحن من عرّف أوروبا على القهوة، ففي عام 1683 وعقب حصار العثمانيين فيينا اضُطر لترك أكياس مليئة بالقهوة أمام فيينا. وبينما كان سكان فيينا على وشك إلقاء الحبوب التي كانوا يعتقدون أنها علف للجمال أخذ الاسترالي جورجكلوشتسكي نحو 250 كيلو من القهوة وافتتح مقهى في فيينا. وفي عام 1699 تقدمت القهوة خطوة إلى الأمام في مغامرتها في أوروبا بتقديم السفير العثماني لدى باريس HoşsohbetNüktedanSüleymanAğa القهوة التركية إلى كبار الشخصيات في باريس. ونتيجة لهذه انتشرت ثقافة القهوة سريعا في أوروبا بأسم ونكهة القوة التركية. انتشرت القهوة التركية في كل أرجاء أوروبا، لكن بدأت شهرتها في التراجع بعدما اخترع الإيطاليون ماكينة آلية لصنع الاسبريسو في نهاية الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من كل هذا اكتسبت القهوة التركية مكانة في التاريخ كأحد المفاهيم التي تُعرف حول العالم بـ”التركية”.
استحضر يافوز سلطان سليم القهوة وأدخلها سليمان القانوني إلى القصر الحاكم واكتسبت شهرتها في أنحاء تركيا في عهد محمد الرابع. ومنذ تلك الفترة أزدادت طريقة إعدادها وتقديهما ثراء.
التقديم بمراسم خاصة في العصر العثماني
تقديم القهوة التركية في العصر العثماني كان يتمتع بخصوصية، ففي بعض المناطق كان الملبن أو الحلوى تُقدم قبل القهوة وقبل فقدان مذاقهم تُقدم قهوة مرة. وفي الأعياد كانت القهوة تُوضع داخل فنجان مغلف بلا مقبض أما في الأيام الأخرى فتُقدم في فناجين لها صحون. وفي بعض الأحيان يُضاف ماء الورد أو الهال لإضفاء مذاق مختلف إلى القهوة.
تقديم القهوة داخل القصر كان يتم بحفل كبير، حيث كانت القهوة تُقدم من قبل ثلاثة من صانعي القهوة بقيادة كبيرهم.
مرسين، طرسوس: طريقة طرسوسية
تتميز الطريقة الطرسوسية التي تثير الانتباه بطريقة تقديم القهوة بتقديم القهوة في كوب الشاي، ويُطلق عليها قهوة الفارس. لا تختلف طريقة تحميصها عن القهوة التركية الكلاسيكية وتُقدم سادة أي بدون سكر. وتُحتسى في كوب شاي رقيق.
ماردين: قهوة سرياني
تُنتج هذه القهوة الخاصة بماردين من حبوب القهوة التي تُحمص مرتين، ولهذا السبب فإن مذاقها أشد مقارنة بالقهوة التركية. لكن بعد مذاقها الشديد يُشعر بابتهاج لاحتوائها على هال. وإن سنحت لكم الفرصة ننصحكم باحتسائها في دير الزغفران بمدينة ماردين.
إزمير: قهوة المصطكى
الصمغ المنسدل من سيقان أشجار المصطكى التي ارتبط اسمها بالجزيرة التي تحمل أسمها تضيف لذّة إلى لذة القهوة. وعلى الرغم من استغراب مدمني القهوة لها في بادئ الأمر فإنهم سرعان ما اعتادوا على مذاق قهوة المصطكى التي تخفف من جرعة القهوة وتقلل من رائحتها وأدمنوها. وباتت قهوة المصطكى تُباع في الأسواق.
غازي عنتاب: قهوةبطمتربنتيني
تُسخدم فاكهة شجر البطمتربنتيني الذي يُعرف بالفستق البري كحبوب، وفي حال إعدادها باللبن عوضا عن الماء يحظى محتسيها بلذة مختلفة.
أديامان: النزل
لم يُترك شيء لم يُضف إلى هذه القهوة، فهى تحتوي على الشوكولاتة والقهوة والمصطكى والكريمة وبطم تبرنتيني والخروب والسحلب. محتواها غني لكن جرعتها خفيفة إلى حد كبير. ولا داعي لإضافة السكر إليها نظرا لمحتوياتها من الحلوى.
خريطة القهوة في تركيا
جزيرة جوكشا: قهوة ديباك (Dibek)
تُسحق القهوة المحمصة بالمطرقة، تُقدم قهوة ديباك ذات القوام اللزج في منطقة زيتنلي كوي بجزيرة جوكشا.
أضنة: جار (GAR)
تُحمص مرتين ويُحصل عليه في جلسة واحدة بفضل طريقة التحميص الخاصة التي تخضع لها. تتمتع بقوام كثيف وتخلق مذاق الشوكولاتة في الحلق.
إسطنبول: قهوة الرماد ( Kül kahvesi)
بات من النادر رؤية قهوة الرماد التي كانت تُعد في الماضي داخل مجمرة في كؤوس نحاسية وذلك بسبب صعوبة إعدادها.
مانيسا: قهوة ذات الدلال (Cilveli)
اختلافها عن القهوة التركية الكلاسيكية نابع من اللوز المضاف أعلى رغوتها، حيث يُغطّى سطح القهوة باللوز المحمص مرتين والمطحون بالإضافة إلى مجموعة توابل.
أورفا ودياربكر: القهوة المرة (Mıraa)
قهوة مرة وحادة المذاق كما أن طريقة إعدادها صعبة وهناك طقوس لطريقة تقديمها واحتسائها. الجميع يحتسي القهوة في فنجان بدون مقبض، وهناك عقوبة مادية ومعنوية لوضع القهوة على الأرض.
أسكي شهير: قهوة التتار ( Tatar Kahvesi)
تُحتسى قهوة التتار في أكواب أكبر من الفنجان وأصغر من الكأس تُدعى “Tostakay”. وتُقدم بإضافة ملعقتين من الكريمة للقهوة التركية.
هاتاي: قهوة محمصة مرتين
تُعد قهوة هاتاي بحبوب القهوة المحمصة مرتين وتتمتع برائحة وقوام كثيفين. ويُقدم معها حلوى الحلقوم ( Lokum ) المحمصة مرتين أيضا.