أنقرة (الزمان التركية) – صدرت صحيفة جونش المقربة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم بعنوان رئيسي استهدف رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو فيما يتعلق بشاحنات المخابرات المحملة بالأسلحة المرسلة إلى سوريا.
ونشرت الصحيفة سيناريو مؤامرة جديدة فيما يتعلق بخبر شاحنات المخابرات التي تسبب في الحكم على نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول أنيس بربر أوغلو بالسجن 25 عاما، حيث زعمت الصحيفة أن أكرم دومانلي – رئيس التحرير السابق لصحيفة الزمان التي أغلقت بموجب مرسوم طوارئ – منح صور الشاحنات إلى كيليتشدار أوغلو، وهو بدوره أعطاها بربر أوغلو ليوصلها أخيرًا إلى رئيس تحرير صحيفة جمهوريت السابق جان دوندار الذي نشر مقطع فيديو يكشف نقل السلاح إلى المقاتلات في سوريا.
وخلال فترة قصيرة نُشر الخبر في كل وسائل الإعلام المؤيدة للنظام الحاكم بما فيها صحيفة صباح التي تديرها أسرة الرئيس رجب طيب أردوغان.
يُذكر أن نائب رئيس الوزراء طغرول توركش قد اعترف بنفسه خلال بث مباشر أن الشاحنات لم تكن تحمل مساعدات إنسانية وأنها لم تكن متجهة إلى التركمان.
وكانت جريدة “جمهوريت” التركية نشرت بتاريخ 29 مايو/ أيار 2015 خبرًا بعنوان: “هذه هي الأسلحة التي نفى أردوغان وجودها على متن الشاحنات”، مؤكدًا أن شاحنات جهاز الاستخبارات التي استوقفتها قوات الجاندرما في 19 يناير/ كانون الثانيمن عام 2014 كانت محملة بالسلاح وفي طريقها إلى المقاتلين في سوريا.
وأكد في الخبر أن الشاحنات تخص جهاز الاستخبارات الوطنية التركية، وكانت في طريقها إلى المجاهدين في سوريا، مستشهدًا بصور من محاضر النيابة الخاصة بالواقعة.
ويظهر في الصور التي نشرها الجريدة في الخبر الذي سرعان ما حظرت السلطات التركية الوصول إليه على الإنترنت، خروج قذائف هاون وأسلحة ومهمات عسكرية من أسفل صناديق الأدوية التي حملتها الشاحنات.
وبعد يومين أكد أردوغان أن الشاحنات تخص الاستخبارات الوطنية، ولكنه زعم أنها كانت محملة بالمساعدات تمهيدًا لإرسالها إلى الجماعات التركمانية التي تواجه قوات الأسد وتنظيم داعش في شمال سوريا.
واتهم أردوغان رئيس تحرير الجريدة جان دوندار بالتجسس على مصالح الدولة التركية وإهانة قيمة وهيبة الدولة أمام الرأي العام العالمي، مؤكدًا أنه لن يتركه حتى يدفع ثمن ذلك. فتح على إثرها دعوى قضائية ضده بتهمة التورط في أعمال تجسس سياسية وعسكرية، ثم استدعي للإدلاء بالأقوال في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وصدر في حقه مذكرة اعتقال.
ووجهت النيابة العامة له تهمة “نشر وثائق سرية للدولة”، و”مساعدة تنظيم إرهابي قصدًا وعمدًا دون الانتماء إليه”، و”محاولة إسقاط الحكومة” .
ومن جانبها، أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا بإخلاء سبيل جان دوندار، معتبرة قرار المحكمة مينتهكًا لحقوقه في التعبير عن الرأي وحرية التعبير، غير أن أردوغان اعترض على هذا القرار وأعلن قائلاً: “لن أقبل قرار المحكمة الدستورية، ولن أطبق القرار، ولا أحترم قراراتها”.
وأصدرت محكمة جنايات إسطنبول قرارًا بسجن دوندار سبع سنوات مع تخفيض العقوبة إلى 5 سنوات و10 أشهر، بتهمة “نشر وثائق سرية للدولة”، بينما أخلت سبيله في اتهامات محاولة إسقاط الحكومة، وأسقطت عنه تهم التجسس.
وكان دوندار قد أوضح أن الصور وصلت إليه عن طريق نائب يساري، وبفحص التسجيلات الصوتية بينهما تبين محادثته مع أنيس بربر أوغلو.
وأوضحت النيابة في مذكرة الادعاء أن المكالمة الهاتفية استمرت 21 ثانية، يوم 27 مايو/ أيار 2015 عند الساعة 14:32، مشيرة إلى أنه سلم دوندار الصور على ذاكرة تخزين رقمية.
وجهت النيابة لبربر أوغلو تهم “مساعدة تنظيم إرهابي دون الانتماء إليه” و”التجسس على مصالح الدولة”، ورفعت عنه الحصانة البرلمانية، وأصدرت المحكمة حكمًا بسجنه مؤبدًا بالإضافة إلى 10 سنوات.
بعد ذلك أصدرت المحكمة حكمًا بتخفيض عقوبة بربر أوغلو من المؤبد إلى 25 سنة حبس، فيما رفضت محكمة التمييز الاعتراض الذي تقدم به البرلماني.
وكان مسؤولون أتراك أدلوا بتصريحات متناقضة حول هذه الشاحنات وما إذا كانت تحمل أسلحة إلى التنظيمات الراديكالية أو مساعدات غذائية إلى تركمان سوريا. ولا يزال الرأي العام ينتظر جوابا واضحا في هذا الصدد. حيث اتهم مسؤولو الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان أعضاء “الكيان الموازي” بمنع وصول المساعدات المقدمة إلى التركمان تارة وتدبير انقلاب ضد الحكومة تارة أخرى.
نقدم هنا بعضاً من تلك التصريحات المتعارضة للمسؤولين حول تلك الشاحنات:
وزير الداخلية الأسبق “المساعدات للتركمان”
بعد أن أشار أحد الصحفيين إلى التصريحات المتضاربة بشأن شاحنات المخابرات، قال وزير الداخلية التركي السابق أفكان ألا في 2 يناير 2014: “ليست هناك تصريحات متضاربة؟ وليس هناك شىء نقوم به. فهناك تركمان، وهذه المساعدات مقدمة لهم. وعلى الجميع أن يلتزم بعمله دون التدخل في شؤون أخرى”.
أردوغان: الشاحنات كانت تحمل مساعدات للتركمان
وادعى الرئيس التركي الحالي رئيس الوزراء السابق جب طيب أردوغان في 24 يوليو 2014 أن الشاحنات كانت تحمل مساعدات إلى التركمان:
“انظروا.. إن هذه الشاحنات كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى تركمان سوريا. وتعرفون من الذين عرقلوا ذلك. ونحن نقدم مساعداتنا على نفس المنوال إلى الإخوة التركمان في العراق أيضاً. إنهم يعرفون كل الحقائق الخاصة بهذا الموضوع. نحن نقدم هذه المساعدات وسنستمر في ذلك”.
وكذلك ادعى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أن هذه المساعدات كانت ترسل إلى تركمان “بايير بوجاق” (جبل التركمان) في سوريا.
أقطاي: الشاحنات كانت محملة بالأسلحة ومتجهة للجيش السوري الحر
لكن ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية وأحد مستشاري أردوغان سابقاً صرّح بأن شاحنات المخابرات الوطنية كانت محملة بالأسلحة ومتجهة إلى الجيش السوري الحر.
مستشار أردوغان: لم ترسل أسلحة إلى أية مجموعة في سوريا
إلا أن إبراهيم كالين كبير مستشاري الرئيس أردوغان أنكر هذا الزعم وأكّد أن المخابرات التركية لم ترسل أبداً شحنات أسلحة إلى أي مجموعة من المجموعات المعارضة المقاتلة ضد النظام السوري.
“واللهِ إن تلك الشاحنات لم تكن ترسَل إلى التركمان”
بينما نفى عضو حزب الحركة القومية السابق نائب رئيس الوزراء الحالي طغرول توركاش كل هذه المزاعم وأكّد مقسماً بالله العظيم: “والله إن تلك الشاحنات لم تكن ترسَل إلى التركمان أبداً”.
“ليست هناك أية شاحنة مساعدات أرسلت للتركمان”
ثم خرج نائب رئيس المجلس التركماني السوري حسين العبدالله لينفى صحة مزاعم أردوغان وداود أوغلو وأفكان ألا في تصريحات أدلى بها في 4 يناير 2014:
“ليست هناك أية شاحنة مساعدات مقدمة للتركمان من أنقرة. فقد وصلت الأسبوع الماضي شاحنة من سويسرا محملة بالملابس. ولم نحصل من حكومة أنقرة على أي مساعدات مسلحة أو أي شكل من أشكال المساعدات”.
ورغم هذه التصريحات المتضاربة التي أدلى بها المعنيون، يواصل إعلام أردغان شنّ حرب ضد ما أسماه بـ”الكيان الموازي” ويدعي أن أعضاءه في السلك العسكري هم الذين خططوا للانقلاب ضد الحكومة عبر استيقاف شاحنات المخابرات “مجهولة الحمولة” وكذلك استهدفوا منع الأسلحة أو المساعدات المرسلة إلى المعارضة السورية أو التركمان.