تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (الزمان التركية) – في الوقت الذي بقيت بضعة أيام على وصول المعارضين المشاركين في مسيرة العدل إلى إسطنبول بعد انطلاقها من العاصمة التركية أنقرة، وردت مزاعم صادمة تشير إلى التجهيز لخلق “فوضى تحت السيطرة” بغية منع المسيرة من تحقيق أهدافها المرجوة منها، وإغلاق الإعلام الاجتماعي بهدف التستر على الأحداث وفتح المجال أمام الإعلام الخاضع للحكومة لكي يصورها للشارع التركي والدولي كما يريدها.
فقد علق الكاتب بجريدة “جمهوريت” التركية أحمد إنسال على “مسيرة العدل” التي انطلقت من أنقرة باتجاه إسطنبول بقيادة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو تنديدًا بقرار اعتقال الصحفي السابق والبرلماني الحالي أنيس بربر أوغلو بتهمة الكشف عن نقل الحكومة السلاح إلى سوريا عبر شاحنات المخابرات خاصة، وغياب العدل في ظل قرارات حالة الطوارئ المعلنة بذريعة ما يسمى بالانقلاب الفاشل عامة، زاعمًا بوجود مخطط لمنع الوصول إلى موقع تويتر، كما حدث في عامي 2014 و2015.
وقال إنسال: “إن الحزب الحاكم في تركيا يعرف جيدًا أن النجاح الرئيسي للمسيرة هو التأثير في المواطنين الذين صوتوا بـ”نعم” في الاستفتاء الدستوري الأخير ودفعهم لإعادة التفكير مرة أخرى في ممارسات السلطة الحاكمة”.
وأعاد إنسال للأذهان إبلاغ محكمة تركية إدارة موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بوقف حساب المدون الأمريكي والمسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبين، ثم علق قائلاً: “ففي حالة رفض إدارة توتير تطبيق هذا الطلب، وهو الأمر الأكثر ترجيحًا، فإن محكمة تركية أخرى ستصدر قرارًا بإعادة حجب موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” كليًّا مرة أخرى”.
من اللافت أن هذا الادعاء يأتي في الوقت الذي ازدادت فيه الأعمال الاستفزازية والتحريضية التي تستهدف مسيرة العدل التي أطلقها زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض بدعم من الأحزاب والاتجاهات المختلفة احتجاجًا على غياب العدل في ظل حالة الطوارئ؛ إذ ألقت مؤخرًا شاحنة تابعة لإحدى بلديات الحزب الحاكم روث الحيوانات والأسمدة في المنطقة التي عسكر فيها المشاركون في المسيرة، كما قطعت بلدية أخرى تابعة للحزب الحاكم أيضًا الماء عنهم.
وأشار محللون إلى أنه من الممكن أن تكون الحكومة تخطط لإحداث “فوضى خلاقة تحت سيطرتها” قبيل وصول المعارضين إلى إسطنبول، وتعتزم منع الوصول إلى تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى التي باتت المصدر الوحيد الذي يتلقى منه المواطنون الأخبار بصورة محايدة، بعد السيطرة على كل وسائل الإعلام وإغلاق المستقلة والمعارضة منها، وذلك من أجل قيام الإعلام الموالي للحكومة بنقل أحداث الفوضى المحتملة كما يحلو لها وفق رؤيتها وأهدافها المرجوة منها، كما حدث في مسرحية الانقلاب الفاشل.
يذكر أن حكومة حزب العدالة والتنمية أغلقت موقع تويتر في عام 2014 حيث كانت فضائح الفساد والرشوة التاريخية تتكشف واحدة تلو أخرى، وكذلك في عام 2015 الذي شهد ممارسات قمع غير مسبوقة استهدفت الإعلام المعارض، وذلك تلبية لطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال في هذا الصدد: “إن تويتر وأمثاله من مواقع التواصل الاجتماعي يفسد شعبنا، لذلك سنجتث تويتر من جذوره، ولن نبالي لما سيقوله العالم بعد ذلك”، على حد تعبيره.
فضلاً عن ذلك، فإن أرصوي دادا، الكاتب الموالي للحكومة التركية، المعروف بتحريضاته واستفزازاته المثيرة، زعم أن “مسيرة العدل” للمعارضة لن تستطيع استكمال مشوارها إلى مدينة إسطنبول، في مقال حمل عنوان “مسيرة العدل ليست تحت سيطرة كيليتشدار أوغلو”، ونشرته مجلة “أكتوال” التركية.
وأكد الكاتب أن السلطات الأمنية لن تسمح لزعيم المعارضة ومؤيديه أن يستكملوا مشوارهم ومسيرتهم إلى إسطنبول، إذ قال في مقاله المذكور: “فماذا ستفعلون عندما عندما تفرض القوات الأمنية سياجًا أمنيًّا في مداخل إسطنبول وتمنعهم من إكمال مسيرتهم.. فهل ستشتبكون مع قوات الأمن عندما تقطع الطريق أمامكم؟! السلطات لن تسمح بتكرار حادثة جازي باركي”، على حد تعبيره.
وزعم أن التنظيمات الإرهابية هي التي تسيطر على مسيرة العدل وتوجهها وفق أهدافها،ثم هدد قائلاً: “المشهد الذي سيظهر كلما اقترب المشاركون في هذه المسيرة من إسطنبول لن يرغب أحد حدوثه بما فيهم زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو”.
وكانت كواليس أنقرة زعمت أن أردوغان أصيبب بالجنون اعتبارا من اليوم الأول من انطلاق مسيرة العدل للمعارضة من أنقرة إلى إسطنبول احتحاجا على غياب العدل في ظل حكم حالة الطوارئ المعلنة بذريعة الانقلاب الفاشل، كما سبق أن هدد أردوغان كيليتشدار أوغلو بالاعتقال مثل نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بتهمة الإرهاب وتقسيم البلاد.