أنقرة (الزمان التركية) – تأثرت الجامعات في تركيا بصورة كبيرة من إجراءات الطوارئ التي بدأ تنفيذها عقب محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز وستكمل عامها الأول في العشرين من يوليو/ تموز الجاري.
لم تصدر الجهات الرسمية أية إحصاءات رسمية لكن البيانات التي جمعها موقع بي بي سي في نسخته التركية منذ الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي الذي شهد بداية فصل الأكاديميين من عملهم تشير إلى فقدان 23 ألفا و427 أكاديميا على الأقل عملهم خلال العام الأخير إما بسبب فصلهم أو بسبب إغلاق السلطات الجامعات التي يعملون فيها.
ودفع فصل الأكاديميين بقوائم جماعية وإصدار حكم جماعي بحقهم دون الإفصاح عن تهمة كل منهم البعض إلى إعلان أن الأمر مناف لمبدأ فردية شخصية الاتهام في القانون.
صدور أول مرسوم طوارئ في الثالث والعشرين من يوليو/ تموز عام 2016
بعد ثلاثة أيام من إعلان حالة الطوارئ دخل أول مراسيمها حيز التنفيذ بقرار من مجلس الوزراء. وبموجب مرسوم الطوارئ الأول الذي حمل رقم 667 تم إغلاق 15 جامعة وقفية يدرس فيها آلاف الطلاب في مدن مختلفة بحجة انتمائها لحركة الخدمة.
وليس من المعروف إجمالي الطواقم الإدارية لهذه الجامعات لكن الإحصاءات المنشورة على الموقع الرسمي لمجلس التعليم العالي تشير إلى فقدان ألفين و808 أعضاء هيئة تدريس عملهم. وأعقب هذه الخطوة التي وقعت قبل شهرين من انطلاق العام الأكاديمي الجديد فوضى نقل نحو 65 ألف طالب جامعي إلى جامعات جديدة وما إن كانوا سيدفعون رسوم التسجيل في الجامعات الجديدة والمعادلة في الأقسام والمواد الدراسية. وعلى الرغم من إعلان مجلس التعليم العالي معاملة الطلاب المنقولين معاملة الطالب الخاص فإن عملية التنفيذ شهدت مشاكل، حيث رفضت بعض الجامعات استقبال الطلاب بحجة عدم امتلاكها أكاديميين وأماكن تدريس كافية تسع لآلاف الطلاب.
وعقب هذا أعلن مجلس التعليم العالي تغيير قراره ومنح طلاب الجامعات المغلقة حرية الاختيار. وعاود الطلاب اختياراتهم بناء على الدرجات التي دخلوا على أساسها الجامعة، لكن مجلس التعليم العالي لم يتخذ أية إجراءات بشأن الأكاديميين والطواقم الإدارية التي ظلت بلا عمل بعد إغلاق الجامعات. ويبدو أنه ليس من الممكن حصر عدد الأكاديميين الذين تمكنوا من العثور على فرص عمل خلال العام الأخير من بين الأكاديميين الذين تم فصلهم والبالغ عددهم ألفين و808.
فصل 5 آلاف و247 أكاديميا بموجب مراسيم الطوارئ
بدأت عملية فصل الأكاديميين مع دخول المرسوم رقم 672 حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي بفصل ألفين و346 أكاديميا من 96 جامعة مختلفة، وأعقبها فصل 1267 أكاديميا في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، ثم فصل 242 في الثاني والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني، ثم فصل 631 أكاديميا في السادس من يناير/ كانون الثاني، وفصل 330 أكاديميا في السابع من فبراير/ شباط، أعقبهم 484 آخرين في التاسع والعشرين من أبريل/ نيسان. ومع صدور مرسومي 677 و688 أعيد 53 أكاديميا إلى مناصبهم.
وبهذا يتبين أن 5 آلاف و247 أكاديميا من 117 جامعة مختلفة فقدوا عملهم خلال العام الأخير بموجب 6 مراسيم طوارئ. وكان لجامعة سليمان دميرال النصيب الأكبر في أعداد الأكاديميين المفصولين بفصلها 232 أكاديميا، تلتها جامعة غازي بواقع 225 أكاديميا، ثم جامعة إسطنبول بواقع 188 أكاديميا، وجامعة 18 مارس في شانق قلعة بواقع 185 أكاديميا، ثم جامعة باموق قلعة بواقع 170 أكاديميا. وظل الغموض يسيطر على سبب فصل آلاف الأكاديميين والجهة التي حددت أسماء الأكاديميين المفصولين وما ارتكزت عليه في هذا الأمر حتى الثامن من فبراير/ شباط الماضي.
الجامعات تطلق حملات الفصل بالتعاون مع الاستخبارات
في حديثه مع بي بي سي التركية في الثامن من فبراير/ شباط، صرح المستشار الإعلامي لمجلس التعليم العالي شنر أسلان أن مبادرة فصل الأكاديميين المستمر منذ 6 أشهر بدرت من الجامعات وليس من مجلس التعليم العالي. وأشار أسلان إلى إعداد الجامعات لقوائم الفصل وأن كل مبادرات الفصل صدرت من الجامعات، مفيدا أن الجامعات هي من حددت الأسماء.
عقب هذه التصريحات توجهت الأنظار صوب رؤساء الجامعات الذين اتهمهم مجلس التعليم العالي بإعداد قوائم فصل الأكاديميين. وأكد رؤساء الجامعات في تصريحاتهم لبي بي سي التركية أنهم أجروا دراسة مشتركة مع الأجهزة الاستخباراتية أثناء اتخاذهم قرارات فصل الأكاديميين، لكن المعلومات الواردة عن هذه الأجهزة الاستخباراتية لم تحدد سبب فصل الأكاديميين. وخلال تقييمه للموضوع أفاد الدكتور إبراهيم أسلان – رئيس جامعة غازي ثاني أكبر جامعة في أعداد الأكاديميين المفصولين – أن المعايير التي حددتها الحكومة فيما يخص تحديد علاقاتهم مع حركة الخدمة كانت تنطبق عليهم.
وفي تصريحاته لبي بي سي التركية في الثامن من فبراير/ شباط، أعلن مجلس التعليم العالي أنه في حال وقوع أخطاء في عمليات فصل الأكاديميين فإن اللجان المؤسسة في الجامعات ستعوض هذه الأخطاء. لكن منذ ذلك الحين لم ترد أي معلومات عن هذه اللجان في الرأي العام التركي.
إدراج الأكاديميين الموقعين على بيان “السلام الكردي” ضمن قوائم المفصولين
أضاف رؤساء الجامعات أيضا أنه تم إدراج الأكاديميين الموقعين على بيان “السلام الكردي” ضمن قوائم المفصولين. وأوضح تقرير المنصة المشتركة لحقوق الإنسان أن 372 من هؤلاء الأكاديميين تم فصلهم إما عن طريق مراسيم الطوارئ أو الامتناع عن تجديد عقودهم.
وبهذا يرتفع عدد الأكاديميين الذين فصلوا بموجب مراسيم الطوارئ والموقعين على عريضة السلام ومن فقدوا عملهم بإغلاق 15 جامعة وقفية إلى 8 آلاف و427 أكاديميا.
إلغاء ضمان توظيف أعضاء برنامج إعداد أعضاء هيئات التدريس
لم يكن العمل في الجامعات التي أغلقت أو كونك أحد الموقعين على عريضة السلام أو الفصل بموجب مراسيم الطوارئ التطور الوحيد الذي أثر على الأكاديميين في ظل حالة الطوارئ، ففي شهر سبتمبر/ أيلول صدر مرسوم قام بإلغاء ضمان توظيف نحو 15 ألف باحث تم تعيينهم في جامعات مختلفة من قبل مجلس التعليم العالي في إطار برنامج إعداد أعضاء هيئات التدريس الذي دخل حيز التنفيذ عام 2010، ففي الفترة بين عامي 2006 و 2009 تم افتتاح 41 جامعة جديدة وفي عام 2010 أطلق برنامج إعداد أعضاء هيئات التدريس لسد احتياجات هذه الجامعات من الأكاديميين.
لكن في سبتمبر/ أيلول عام 2016 تُركت الكرة في ملعب الجامعات لتقرير ما إن كانت ستواصل تعاقدها مع الأكاديميين الذين عُينوا في إطار هذا البرنامج بحجة أن البرنامج يهدف لتمكين الأكاديميين المنتمين لحركة الخدمة. واختارت أغلب الجامعات إنهاء عمل الأكاديميين الذين تم تعيينهم في إطار البرنامج.
وفي حديثهم مع بي بي سي التركية أكد الأكاديميون أن البرنامج هو أكثر برنامج إعداد أعضاء هيئة تدريس يعتمد على الكفاءة ضمن النظام الحالي. ورفض الأكاديميون مزاعم انتمائهم لحركة الخدمة مذكّرين أنهم لم يخضعوا لاختبارات أو مقابلات أثناء تعيينهم في إطار البرنامج.
من جانبه صرح الرئيس السابق لمجلس التعليم العالي ومؤسس البرنامج يوسف ضياء أوزجان أنهم صمموا برنامجا جيدا سيلبي احتياجات الجامعات من الأكاديميين، معربا عن أمله في تحسن الأوضاع. وعلى الصعيد الآخر صرح عضو لجنة التعليم بالبرلمان التركي ونائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة أنقرة أرتان أيضا أنهم يلغون فقط ضمان التعيين بنسبة 100 في المئة، واصفا الأمر بأنه تصحيح لخطأ ارتكب في الماضي.
وبإضافة أعداد الأكاديميين الذين حرموا حقهم في التعيين يرتفع بهذا أعداد الأكاديميين المتضررين من حالة الطوارئ بطرق مختلفة إلى 23 ألف و427 أكاديميا على الأقل.
هذا ولا يمكن تحديد عدد الأكاديميين الذين سيتمكنون من مواصلة عملهم أو العثور على فرص عمل في جامعات أخرى.