تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (الزمان التركية) – تتزايد الأسئلة وعلامات الاستفهام حول محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 15 يوليو/ تموز 2016، دون أن تقدم حكومة حزب العدالة والتنمية أي إجابات أو ردود مقنعة عليها، مما يزيد الشبهات والشكوك حول حقيقة هذه المحاولة وهوية الواقفين وراءها والمحرضين عليها والمستفيدين منها.
ونحن بدورنا كموقع “الزمان التركية” الناطقة بالعربية نطرح تلك الأسئلة التالية لعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو المعنيين أن يقوموا بالإجابة عليها:
السؤال الأول: عقب الانقلابات العادية تحاسَب أجهزة الاستخبارات عن أسباب عدم توصلها للمعلومات الخاصة بها قبل حصولها، حتى في بعض الحالات يتم محاكمة رؤساء هذه الأجهزة بتهمة “الوقوف إلى جانب الانقلابييين”. وفي المشهد التركي جهاز الاستخبارات الوطني لم يقدم أي معلومات استخباراتية حول الانقلاب قبل وقوعه. لولا الشخص الذي تقدم ببلاغ للجهاز –قبل سجنه بتهمة الانتماء لحركة الخدمة – لما تمكن جهاز الاستخبارات حتى من إبلاغ السلطة السيايسة في ليلة الانقلاب عند الساعة 16:00 عصرًا، أي قبل سويعات من بدء أحداث الانقلاب.
بناء على ذلك، أليس من المثير للشبهات عدم استدعاء رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان للإدلاء بأقواله أمام لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، واستمراره في الحفاظ على موقعه المقرب من الرئيس أردوغان؟
السؤال الثاني: هل صحيح أن أليكسندر دوجين؛ مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء بن علي بالانقلاب قبل يوم من وقوعه في 14 يوليو/ تموز؟
السؤال الثالث:إن لم ينفذ الانقلاب وفق الأوامر الصادرة من قيادة أركان الجيش، فما هي الأسماء التي يتشكّل منها المجلس العسكري الانقلابي؟ كيف يتم استدعاء رئيس أركان الجيش الأسبق، أي قبل 15 عام، حلمي أوزكوك، للإدلاء بأقواله أمام لجنة تقصي الحقائق، ولا يستدعى رئيس الأركان الحالي خلوصي أكار؟ هل هو خوفًا من أن ينفلتشيء من لسانه يفضح المسؤولين؟
السؤال الرابع:وإن كان الانقلاب أجري وفق الأوامر الصادرة من قيادة الأركان العامة، فلماذا لم ولا يتم محاكمة خلوصي أكار، ويواصل عمله بشكلٍ طبيعي؟
السؤال الخامس:وإن لم يُدبَّر الانقلاب بأوامر قيادة الأركان العامة، فكيف كان رئيس الأركان المرتبط بأجهزة الاستخبارات غافلًا عن هذا الكيان المخطط للانقلاب رغم أن عملية التخطيط تحتاج لأيام وشهور عديدة على أقل تقدير؟
السؤال السادس:هل مزاعم علاقة بعض جنرالات الانقلاب مع حركة الخدمة تستند إلى تقارير تصنيفات المخابرات التركية، نظرًا لأن جميعهم رفضوا هذه العلاقة المزعومة أمام المحكمة؟ هل هناك أدلة مادية تثبت علاقتهم بالحركة فعلاً؟ وإذا كان هناك دليل مادي على ذلك، لماذا لا يُكشف عنه أمام الرأي العام؟
السؤال السابع:يحق للمتهمين الحديث والإدلاء بأقوالهم في التهم الموجهة إليهم، حتىفي أكثر المجتماعات بدائية، وقد أصدرت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية حول الانقلاب قرارًا بالاستماع للأستاذ فتح الله كولن المتهم بالوقوف وراء الانقلاب، لكنها تراجعت عن قرارها هذا بعد مدة معينة، من ولماذا غير هذا القرار؟ وكذلك لماذا يرفض أردوغان طلب غولن بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في ملابسات الانقلاب، ألا يثق أردوغان في نفسه؟
السؤال الثامن: كيف وممّن صدر قرار عقب محاولة الانقلاب بـ10 دقائق فقط، وقبل إجراء أي تحقيق، باتهام حركة الخدمة والأستاذ كولن بالوقوف وراء الانقلاب، حيث أعلن كلّ من رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم وكافة وسائل الإعلام الموالية لهما بصوت واحد أن غولن هو المسؤول عن الانقلاب؟
السؤال التاسع: أصدرت رئاسة الأركان العامةتعليمات في الساعة 18:00 من مساء الانقلاب بحظر الطيران وخروج أي عسكري أو سلاح إلى خارج المعسكرات، وبالرغم من ذلك تحركت مجموعات عسكرية صغيرة لا تعرف في أي مهمة هي، فمن أصدر أوامر لهذه المحجموعات بالخروج من أماكنهم في الثكنات؟
السؤال العاشر: أليس مثيرًا للشبهات أن ينضمّ إلى محاولة الانقلاب عدد قليل جدًا من الرتب العسكرية العليا، وأن يكون معظمهم من طلاب الكليات العسكرية الذين لا يمنح لهم رصاصات حقيقية بل يستخدمون رصاصات مطاطية، طابور أو طابورين من الجنود، بالإضافة إلى 10-15 دبابة و3-5 طائرات حربية حتى تحدثالضجة المطلوبة؟ وأليس من الغريب أن يبادروا إلى إغلاقجسر البسفور فقط بدلاً من المؤسسات الحكومية؟
السؤال الحادي عشر: في كل بقاع العالم تقع الانقلابات العسكرية في ساعات متأخرة من الليل بالقرب من ساعات الصباح الأولى؛ كيف يقع الانقلاب في الساعات الأولى من الليل أي ساعة الذروةحيث يكون الناس جميعًا مستيقظين؟ هل كان ذلك مقصودًا؟ هل سبق وأن شهد العالم محاولة انقلاب من دون محاولة القبض على عدد من المسؤولين في السلطة مثل رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو نواب البرلمان أو الوزراء؟
السؤال الثاني عشر: ما هو التفسير المنطقي لمشاركة القادة العسكريين في حفل زفاف في ليلة الانقلاب، بالرغم من تلقي جهاز المخابرات معلومات عن الاستعداد للانقلاب في الساعة الثانية ظهرًا، وقيادة الأركان العامة في الساعة 16:30، واستمرار بقاءهم في الحفل لساعات طويلة من الليل؟
السؤال الثالث عشر: اعتبارًا من الساعة 18:00، كان رئيس الوزراء وجهاز الاستخبارات ومسؤولي الحكومة على علم بالانقلاب… أليس من الغريب ألا يتم فرض حماية وحراسة على مؤسسة الإذاعة والتليفزيون TRT، وأن يتم قراءة البيان العسكري عبرها من خلال خمسة عسكريين فقط، ومن ثم أن يقبض على هؤلاء العسكريين من قبل العاملين العزل لدى المؤسسة؟
السؤال الرابع عشر: كيف يتمكن 13 عسكريًّا من الانقلابيين، ثلاثة منهمذو ربتة عالية، من مداهمة قصر الرئيس أردوغان، وذلك رغم أن القصر الرئاسي يخضع حراسة وحماية عالية باستخدام معدات وسلاح عسكري متطور للغاية، بالإضافة إلى مئات من رجال الأمن رفيعي المستوى؟ ومن ثم كيف أمكن إلقاء القبض عليهم حتى قبل أن يدخلوا من الباب الرئيسي؟
السؤال الخامس عشر: إن كان الانقلاب يستهدف الرئيس أردوغان، فلماذا توجه الانقلابيون إلى قصف مبنى البرلمان، وكيف عجزت طائرات حربية متقدمة وصواريخ ذات قنابل موجهة بالليزر عن ضرب قصر أردوغان المقام على مساحة 450 ألف متر مربع، ولم تصب إلا حديقة القصر فقط؟!
السؤال السادس عشر: قال أردوغان على قناةأن تي في (NTV) ليلة الانقلاب”لقد كان هناك تحركات مريبة داخل الجيش اعتبارًا من وقت الظهيرة”،واعترف بأنه تلقى معلومات عن الانقلاب من جهاز الاستخبارات في الساعة 16.00. بناء على ذلك لو خرج على الرأي العام في الساعة 19:00 مثلاً وكشف وفضح مخطط الانقلاب لما خرج وما تحرك أي عسكري من ثكنته أو معسكره، ولما سقط نحو 250 شهيدًا… لماذا إذًا انتظر أردوغان 6 ساعات ونصف ومن ثم أعلن وجود محاولة الانقلاب؟
السؤال السابع عشر: لماذا تم اعتقال الرائد “ه. أ” الذي أبلغ جهاز الاستخبارات بتفاصيل الانقلاب في الساعة 14:45 من ظهر يوم الانقلاب؟وأليس من المتناقضإعلان حركة الخدمة مسؤولة ومدبرة لمحاولة الانقلاب من ناحية، وإصدار قرار فصل واعتقال بحق الرائد “ه. أ” بتهمة الانتماء لحركة الخدمةمن ناحية أخرى، ومن ثم الإفراج عنه في وقت لاحق، ومنع القضاء من التحقيق معه من خلال ضمّه إلى كوادر جهاز الاستخبارات ومنحه حصانة ضد المحاكمة؟
السؤال الثامن عشر:عقب محاولة الانقلاب مباشرة رصدت الاستخبارات البريطانية محادثات ومكالمات هاتفية لكبار المسؤولين الأتراك وهم يأمرون للمعنيين من اللسلطات ووسائل إعلام تابعة للحكومة: “لتبدأ عملية التصفية والتطهير غدًا، وإعلان فتح الله كولن المسؤول عن الانقلاب”، ثم نشرت الاستخبارات الألمانية هذه المعلومات في 24 يوليو/ تموز 2016، ورغم ذلك ولم تصدر أي تكذيبات رسمية من قبل المسؤولين الأتراك،فهل هذه الادعاءات صحيحة؟
السؤال التاسع عشر:وفي ضوء حقيقة استغراق أبسط التحقيقات أشهرًا عديدة في تركيا، كيف كيف كشفت النيابة العامة في العاصمة أنقرة وفي الساعة 04.30 من صبيحة ليلة الانقلابعن كل خيوط الانقلاب وتوصلت إلى أن ما أسماه “الكيان الموازي” هو من يقف وراء الانقلاب، ومن ثم أصدرت قراررات اعتقال طالت “أعضاء القضاء والجنرالات والأميرالات وضباط الجيش وضباط الصف والجنودبتهمة الانتماء للدولة الموازية؟ أليس ذلك غريبًا ومثيرًا للشبهات؟
السؤال العشرون:ومع أن الحكومة التركية دأبت على حظر نشر وإذاعة على وسائل الإعلام، وإغلاق تويتر وفيسبوك، حتى في أبسط الحوادث الإرهابية، فلماذا لم تبادر إلى حظر نشر وإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي في قضية كبيرة مثل تعرض البلاد لمحاولة انقلاب غاشمة؟
السؤال الحادي والعشرون:بالرغم من إلقاء السلطات التركية القبض على كل من يرِد في حقه أدنى شبهة أو بلاغات، لماذا تم الإفراج عن المتهم الرئيسي في محاولة الانقلاب عادل أوكسوز بعد القبض عليه بالقرب من قاعدة “أكينجيلار” مقر قيادة الانقلابيين؟ ولماذا تتجنب السلطات من تسليط الأضواء على إيماءات رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو حول عمل المدعو عادل أوكسوز لصالح المخابرات التركية؟
السؤال الثاني والعشرون:ولماذا لا ترد الحكومة أو أردوغان على تصريحاتالرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب التابعة للمخابرات محمد أيمور التي قال فيها “إن محاولة الانقلابمن عمل وتنفيذ المخابرات. ومع أن الحكومة تتهم فتح الله غولن بالوقوف وراءها، إلا أنها عمل استخباراتي يفوق كثيرًا جدًا قدرات حركة الخدمة”.
السؤال الثالث والعشرون: هل صحت ادعاءات المسؤول رفيع المستوى السابق في وزارة الدفاع الأمريكية مايكل روبين أن شركة “صدات” الأمنية المقربة من أردوغان ومجموعات شبه مسلحة تابعة لها من قتلت المدنيين في ليلة الانقلاب؟ وهل تم بحث وتقصي حقيقة مقتل المدنيين في تلك الليلة بما يكفي؟ لماذا لم يتم تشريح جثمان أي منهم؟
السؤال الرابع والعشرون: في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب تم فصل 2475 عضوًا في أجهزة القضاء على يد المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وازدادت تلك الأعداد بشكلٍ مستمر بعد ذلك لتطال مئات الآلاف. ألا يقوي ذلك صحة الادعاءات التي تحدثت عن إعداد جهاز الاستخبارات مسبقًا قوائم وفقًا للانتماءات السياسية والدينية والفكرية؟ هل كانت محاولة الانقلاب مجرد أدلة ووسيلةلعمليات الفصل والاعتقالات الجماعية العشوائية؟
السؤال الخامس والعشرون:لماذا وصف أردوغان محاولة الانقلاب بـ”لطف وهدية من الله” وقال “إنها فرصة جيدة لتصفية المؤسسة العسكرية من عناصر الكيان الموازي”؟ وما معنى التصريحات التي أدلى بها لقناة الجزيرة وأكد فيها أنه لم يكن بإمكانه القيام بحركة التصفية العملاقة هذه لو لم تحدث تلك المحاولة؟ أليست هذه التصريحات والاعترافات تؤيد وصف المعارضة التركية أحداث ليلة 15 تموز بـ”الانقلاب تحت سيطرة أردوغان” أو “الانقلاب المصمّم على الفشل من أجل الحصول على الشرعية اللازمة لتنفيذ خطة إعادة ترتيب أجهزة الدولة؟