برلين (زمان التركية) أوضح المسؤولان في جهاز الاستخبارات التركي المحتجزان لدى حزب العمال الكردستاني كيف يتحكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الإعلام التركي وذلك خلال حوارهما مع وكالة ANF الإخبارية.
أكّد المسؤولان في الاستخبارات التركية (MIT) أرهان بيكجيتين وآيدين كونيل اللذان احتجزا في عملية خاصة لقوات الدفاع الشعبي بتاريخ 4 آب/أغسطس من العام المنصرم في مدينة السليمانية بشمال العراق، على أنّ جهاز الاستخبارات التركية وقياداتها العليا هي التي تتحكّم في الإعلام والصحافة في تركيا.
وأوضح المسؤولان أنّ قيادات حزب العدالة والتنمية AKP تنسّق مع المسؤولين الكبار في جهاز MIT للتحكّم بجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, كما ذكرا أسماء عناصر استخباراتية تقوم الآن بتغطية الأحداث في عفرين، بوصفهم مراسلين لقنوات تلفزيونية تركية.
جيش الإعلام الذي أسّسه هاكان فيدان
وذكر بيكجيتين أنّ هناك قسم خاص في جهاز الاستخبارات التركي مختصّ بوسائل الحرب النفسية، ولم يكن فعّالاً قبل مجيء هاكان فيدان، حيث كان “محطّ سخرية الجميع” وظلّ كذلك حتّى استلام فيدان رئاسة جهاز الاستخبارات، حيث عيّن “نوح يلماز” مستشاراً للشؤون الإعلامية.
وأضاف بيكجيتين قائلاً: “قام نوح يلماز بتغيير القوانين داخل الجهاز فيما يتعلّق بقسم الإعلام” حيث جعل استشارية الشؤون الإعلامية مرتبطة برئيس جهاز الاستخبارت مباشرة، بعد أن كان من مهام مساعد الرئيس. كما بدأ الجهاز بإعداد أخبار يومية وتسليمها لوسائل الإعلام لنشرها، وأسس علاقات متينة مع بعض المراسلين.
المراسلون والصحفيون الذين يتعاملون مع الاستخبارات التركية
وفيما يتعلّق بأسماء المراسلين والصحفيين الذين جنّدتهم الاستخبارات التركية لخدمتها، قال بيكجيتين: “الصحف الأكثر تعاملاً مع الاستخبارات هي ستار، وميلليت إذ أنها كانت تنشر أغلب أخبارها من تلك التي تستلمها من مسؤول الشؤون الإعلامية في الاستخبارات. كما أن هناك علاقات مباشرة مع الصحفية حنده ف. كما كنا نتابع جيتينر ج. بشكلٍ مستمر. إذ كان قد توصلنا بمعلومات أنّه يتواصل مع “رئيس الاستخبارات الدفاعية” المرتبطة برئاسة دائرة شؤون العراق. كنت أعرف جيدًا أنّه كان يقوم برحلات إلى العراق بصورة مستمرة”.
وتابع مسؤول الاستخبارات حديثه حول هذا الموضوع قائلاً: “بالنسبة لجريدة “صباح” كان هناك تعاون مع واحد اسمه أ. كوجوك كايا أو باشاك، إذ كان ينشر مواداً صحفية في جريدتي “صباح” و”ستار” تحت هذا الاسم. وفيما بعد حضر جيم كوجوك من أمريكا، ويحتمل أنه جاء بناء على طلبٍ من نوح يلماز وكانت تصل إليه معلومات من جهات خاصة، ليقوم هو بنشرها”.
ونوّه بيكجيتين إلى أنّ نوح يلماز محترف في هذا المجال إذ كان له دور كبير في الحرب ضدّ حزب العمال الكردستاني بي كي كي وفي كلّ العمليات الخاصة ضده. ومن الممكن ملاحظة ذلك عند النظر إلى الأخبار التي كانت تنشر. فهو يتبع أسلوب نشر الأخبار بصورة متواصلة يومًا بعد يوم حتّى يتمّ تصديقها من قبل الناس”.
جيش التويتر التابع للحزب الحاكم مقره في بلدية اسطنبول
وتحدّث بيكجيتين عن الجيش الإلكتروني الذي تمّ تجهيزه من قبل حزب العدالة والتنمية وقال: “هناك مركز خاص لجيش التويتر في بلدية استنبول، بالإضافة إلى مركز أخر بأنقرة. يتواجد هناك ما بين 150 إلى 200 شاب متفرّغون للعمل على التويتر ونشر المعلومات والأخبار التي تخدم مصالح الحزب وقيادته عبر عديد من صفحات على موقع التواصل الاجتماعي هذا”.
كما أضاف قائلاً: “الوظيفة الرئيسية للعناصر الأمنية في استنبول هو متابعة الأخبار التي يتمّ نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن ثمّ ملاحقة ناشري الأخبار التي تعارض سياسات حزب العدالة والتنمية، وذلك عبر جهاز الشرطة، كي يمنحوا شرّعية لعمليات الملاحقة تلك”.
لقاءات فيدان وأردوغان كلّ أيام خميس
وأشار بيكجيتين إلى أنّ رئيس الدولة التركية الحالي رجب طيّب أردوغان يلتقي بشكل منتظم أيام الخميس برئيس الاستخبارات هاكان فيدان في القصر الرئاسي “حيث تتمّ مناقشة ما يجب طرحه في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما يجب منع نشره. ويتم نشر الأخبار التي يجب نشرها بواسطة صحفيين من أمثال حنده فرات كي يقوموا بنشرها.”
الوظيفة الأساسية لدائرة الاستخبارات النفسية
بدوره، أوضح آيدين كونيل بأنّه حين التحق بجهاز الاستخبارات عام 1997 كانت هناك دائرة الاستخبارات النفسية، التي تمّ إغلاقها فيما بعد، وأضاف قائلاً: “كان عناصر الاستخبارات يؤسسون علاقات مع الصحفيين، والمراسلين ومدراء الصحف، وينقلون المعلومات عنهم إلى استشارية الاستخبارت بشكل مباشر، وكانوا يتلقون أوامر بإعطاء معلومات وأخبار معيّنة إلى أولئك الصحفيين من أجل نشرها عبر وسائلهم”.
وأكّد كونيل أنّ مهمة تلك الدائرة كانت “الترويج للأخبار التي ترغب الدولة في نشرها، حتى يصدقها الناس، من خلال التأثير الإعلامي”، وتابع كلامه قائلاً: “لكن الوضع مختلف الآن، إذ أن هناك تأثير مباشر من الاستخبارات على الأخبار التي يتمّ نشرها. إذ أنّ تلك الأخبار يكون مصدرها عناصر الاستخبارات أنفسهم، وهم من يغطون الأحداث ويصيغون الأخبار بحسب ما تأمرهم القيادة، وهذا ما يمكن ملاحظته عبر وسائل الإعلام المختلفة من قنوات تلفزيونية، وصحف ومجلات، وإذاعات، ووسائل التواصل الاجتماعي. فإن أغلب الأخبار التي يتمّ نشرها تكون هادفة ومن صناعة الاستخبارات حتى يتمّ من خلالها السيطرة على المجتمع”.