تقرير: محمد عبيد الله
(زمان التركية) – خصصت مجلة الأهرام العربي المصرية عددًا خاصًّا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصفته بـ”راعي الإرهاب”، وسياساته الهوجاء التي جلبت مصائب على تركيا ودول المنطقة على حد سواء.
واستخدمت المجلة، التي تعتبر شبه رسمية، في غلافها الخارجي صورة كاريكاتورية للرئيس أردوغان، وكتبت تحتها “الشيطان”، على حد وصفها، إلى جانب الإعلان عن مقال بعنوان “تناقضات أردوغانية” كتبه رئيس تحرير المجلة جمال الكشكي، وسجل فيها تقلبات أردوغان المستمرة.
بينما وضعت المجلة في غلافها الداخلي صورة أخرى لأرودغان عليها رذاذ من الدماء، في إشارة منها إلى إزهاق النفوس والدمار الذي أحدثه في الداخل التركي، خاصة في المناطق الشرقية ذات الأغلبية الكردية، وفي الأراضي السورية.
ونشرت المجلة عديدًا من الملفات والمقالات التي كتبها المختصون في مجالاتهم في محاولة لإماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لنظام أردوغان للقارئ العربي، حيث سعى د. أيمن سمير، في مقاله الذي حمل عنوان: “كيف أصبح الرئيس التركي الشريك الأول للجيش الإسرائيلى”، رصد علاقات نظام أردوغان بإسرائيل، مؤكدًا أن عداوة أردوغان لإسرائيل اقتصرت على الصعيد الخطابي فقط، وأن العلاقات الاقتصادية والإستراتيجية لم تتأثر بالتوترات السياسية الظاهرة بين الطرفين.
أعاد الكاتب للأذهان أيضًا انطلاق الطائرات الإسرائيلية من قاعدتى إنجيرليك وقونية لضرب قطاع غزة، وبناء تل أبيب قاعدة عسكرية للإنذار المبكر فى كوراجيك بمدينة ملاطيا وسط تركيا، منوّهًا بوجود 60 اتفاقية عسكرية بين تركيا وإسرائيل تغطى التدريبات الجوية وتحديث الدبابات، وبأن اتفاق «الميثاق الشبح» منها سمح لتركيا بالتجسس على الجيوش العربية لصالح إسرائيل.
وقد حاول اللواء محمد عبد المقصود تسليط الأضواء على علاقات أنقرة في عهد أردوغان بتل أبيب أيضًا، من خلال مقاله بعنوان: “التعاون التركي-الإسرائيلي تهديد للنظام الإقليمي العربي”، حيث اعتبر أردوغانَ تهديدًا أمنيًّا وإستراتيجيًّا للأمن القومي العربي والإقليمي، مشدّدًا على أن العلاقات التجارية والاقتصادية كانت بعيدة عن التوترات السياسية بين البلدين، وأن حجم التبادل التجارى بينهما خلال عام 2011م سجل ارتفاعاً ملفتًا، حيث سجلت الصادرات التركية ارتفاعًا بلغ 20%، فى المقابل ارتفعت الصادرات الإسرائيلية خلال نفس العام لتصل إلى 40%،كما بلغ حجم التبادل التجارى بين الطرفين 4 مليارات دولار.
في حين أن الكاتب عبد الله حسن تناول في مقاله المعنون بـ”أوهام الخلافة” أطماع أردوغان في التربع على عرش الخلافة الإسلامية وزعامة العالم الإسلامي من خلال توظيف الإسلام السياسي والجماعات الإسلامية المتطرفة، بما فيها جماعة الإخوان، حيث قال: “يعيش أردوغان في أوهام إحياء دولة الخلافة العثمانية واستعادة أمجاد أجداده السلاطين”، زاعمًا أن أطماع أردوغان تصل للجزء الغربي من الصين وآذربيجان وجمهوريات آسيا الوسطى، كما يسعى أردوغان لاحتلال أراضٍ من ستّ دول بينها سوريا والعراق، وأنه يحلم بانتهاء اتفاقية لوزان في 2013 ليسيطر على أراض من كركوك والموصل حتى حدود إيطاليا مرورًا بقبرص.
أما الكاتب محمد عيسى فألقى إطلالة على سجلّ أردوغان في ملف حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة، إذ أكد أنه أنشأ محاكم خاصة لتكون أداة قنص لكل من يراه خطرا على سياسته، وأن الصحفيين المعتقلين فى تركيا يمثلون نصف عدد الصحفيين المعتقلين على مستوى العالم، معيدًا للأذهان إعراب مجمع حقوقيى إنجلترا وويلز وأسكتلندا وشمال إيرلندا عن قلقها من الاعتقال والفصل التعسفيين للقضاة ووكلاء النيابة، بل حتى النساء، بالإضافة إلى دعوة رئيس مجلس نقابات المحامين والجمعيات القانونية الأوروبية أردوغان إلى إخلاء سبيل المحامين وتمكينهم من ممارسة عملهم.
ومن القضايا اللافتة التي عكف عليها كتاب المجلة هي علاقة أردوغان بتنظيمات إرهابية، حيث قالت د. هند عثمان إن بين تركيا أردوغان وداعش علاقة عضوية، وهناك علاقة خاصة تجمع قيادات التنظيم الإرهابي وعائلة أردوغان، مؤكدة أن نظام أدوغان يسعى لاستغلال النفط والغاز في سوريا والعراق تحت حكم داعش.
هناك مزيد من الملفات والمقالات التي تحاول الكشف عن محددات السياسة التركية في ظل حكم أردوغان والنتائج التي أدت إليها في الداخل التركي والمنطقة تنتظر القراء والمهتمين بالشأن التركي والعربي.
ويرى مراقبون أن مجلة الأهراب العربي من المجلات المرموقة التي تجيد اللغة الدبلوماسية وتهتم بالموازين القائمة بين مصر والدول المجاورة، إلا أنها بادرت إلى إصدار عدد خاص عن أردوغان، واستخدمت فيها لغة عنيفة للغاية، وذلك بعدما وجه أردوغان انتقادات شديدة اللهجة أيضًا إلى مصر، معتبرين ذلك أمارة تدل على أن القيادة المصرية حطّمت الجسور مع تركيا بالكلية طالما أن أردوغان في الحكم، مستبعدين حصول تحسّن في العلاقات السياسية على المدى القريب وإن استمرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين على مستوى معين.