إسطنبول (زمان التركية) – تناول الأكاديمي التركي المعروف أميت كراداش مبادرة حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان إلى حرمان كل المتهمين بجرائم ذات علاقة بالإرهاب من الاستفادة من أية فرصة لتقليل مدة عقوبتهم وفقًا للتعديلات التي من المرتقب سنّها في الأيام القادمة.
في مقال نشره موقع “أحوال تركية” قال الأكاديمي كارداش: “لقد اعتمدت الحكومة التركية منطقاً يجافي الضمير الإنساني ومبادئ القانون عندما اعتبرت أن الصحفيين والأكاديميين والكُتَّاب والبيروقراطيين والسياسيين ورجال الأعمال والنساء والمرضى أكثر خطورة من الذين ارتكبوا جرائم عادية، وذلك على الرغم من أنه لم يثبت بالدليل تورطهم في أعمال عنف بل أدينوا أو احتجزوا بسبب مناداتهم بالحقوق والحريات”.
ولفت كارداش إلى ضرورة تحليل قانون مكافحة الإرهاب، الذي يُستغل بشكل مبالغ فيه للغاية من أجل معاقبة المعارضين السياسيين للحكام، ثم أضاف قائلاً: “والواقع أن قانون مكافحة الإرهاب لم يأتِ لمنع وقوع الحوادث الإرهابية، أو لتستخدمه وحدات الأمن الداخلي لمنع وقوع هذه الأعمال، ومراقبة تحركات المجرمين وتحييدهم. والحقيقة هي أن هذا القانون، الذي يُعنى، في الأساس، بوضع لوائح خاصة في مجالات القانون الجنائي، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون تنفيذ الأحكام، يتعارض، في أساسه، مع مبادئ “المساواة أمام القانون” و”القاضي الطبيعي” و”الحق في محاكمة عادلة”، بل إنه عمل على تعطيل منهجية القانون الجنائي بإفراغ القانون التركي من محتواه”.
وواصل: “من الواضح أن تعريف “الإرهاب” كما تنص عليه المادة 1 من القانون رقم 3713 والقانون رقم 4928 قد استند إلى مفاهيم فضفاضة مجردة وغامضة في كثير من الأحيان. ولهذا السبب، جاءت العقوبات مناهضة لمبادئ الشرعية والوضوح القانوني. وكانت نتيجة ذلك أن الأشخاص الذين يستخدمون حقهم في التعبير عن رأيهم، اعتبروا من الإرهابيين، وحُكِمَ عليهم بعقوبات مشددة”.
وأكد الأكاديمي التركي أنه يجب أن يكون المواطن قادرًا على رؤية العواقب التي قد يتعرض لها إذا قام بفعل معين، كما يجب أن تتوافر عدة شروط لإصدار الحكم على الشخص، مثل التحرك لتنفيذ الفعل، وهو يمثل العنصر المادي للجريمة؛ بالإضافة إلى وجود مبررات لا تقبل الجدل لتوافر النية والقصد لدى الشخص لارتكاب هذا الجرم، والسبب في ارتكاب هذا الفعل، وهذا يمثل العنصر المعنوي للجريمة.
ودعا الكاتب كارداش إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب الحالي، نظرًا لأن تركيا لم تجنِ بسببه سوى المزيد من الأعمال الإرهابية، بدلاً من استئصالها، من أجل ضمان الحق في محاكمة عادلة، مشيرًا إلى لزوم وضع تعريف واضح للإرهاب في قانون العقوبات التركي بحيث يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي، ويستند إلى مبادئ “الشرعية”، ويتميز بالشفافية، ويتسق هذا التعريف الجديد مع توصيف الجريمة والعقاب في قانون مكافحة الإرهاب، وإلا سيظل هذا القانون أداةً في يد السلطة لتهميش كل من يعارضها ومعاقبته، على حد تعبيره.
كما حذر الأكاديمي أوميت كارداش المعارضة من أن تكون أداة لإضفاء الشرعية على التمييز بين المجرمين العاديين والمعتقلين السياسيين في الاستفادة من قانون تخفيف الغقوبات المزمع سنه، داعيًا إياها إلى القيام بمهمة المعارضة كما ينبغي قائلا: “إذا ساهمت أحزاب المعارضة في تقنين هذا الوضع غير الأخلاقي فإنها ينبغي عليها أن تغلق أبوابها”.