بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)- فجأة وقبل موعد الانتخابات العامة بأشهر فى بلد هام تقوم جبهة ما فى حرب مع النظام القائم في تلك الدولة بعملية إرهابية تودي بحياة ضحايا كثيرين وتجرح وتصيب العشرات من الناس الأبرياء وتدمر المنشآت العامة وتشوه صورة تلك الجهة بدماء الضحايا والمصابين وتقدم إلى عدوها هدية ثمينة قد تعينه كثيرًا فى ظروفه السياسية الحرجة؟ فأي ذكاء تتمتع به هذه الجهة؟ وأى مكسب يمكن لهذا العمل الأثيم أن يضيف الى رصيد أحد على الإطلاق؟
إن رصيد نظرية المؤامرة في تفسير الأحداث -بصفة عامة- غني وعظيم عند أولئك الذين قد يقبلون تفسيرات هذه النظرية فى مواضع كثيرة وقليلة ولا يجدون غضاضة في ذلك ولا غرابة.. كما قد لا يجد محبو نظرية المؤامرة حاجة إلى التفرقة بين مسائل ومسائل وظروف وظروف، فالمؤامرة قد تستوعب كل شيء وتتخطى حدود المعقول في يسر. ورصيد نظرية المؤامرة عند البعض فقير ومعلق بكثير من التساؤلات، وخاصة عندما لا يجد المنطق له مكانًا لا كبيرًا ولا صغيرًا على الساحةِ محلِّ البحث والتدقيق.. ولكن -في الواقع- هناك دائمًا مناطق رمادية اللون ليست بالبيضاء ولا هي بالسوداء، فهي مناطق تبعد عن الرؤية المباشرة -عن قصد أو عن غير قصد أحيانًا- وقد تشهد قليلًا وكثيرًا من الخطط والأفعال التي ينكر كثيرون صلتهم بها بل ويدّعون محاربتها.
والمخرجون الممتازون للمسرحيات الجيدة موجودون والمحاولة مجزية، ولا سيما في الأوقات الحرجة وفي الأوقات التاريخية والمشحونة بالتوتر والانتظار والتي قد لا تتيح لأحد فرصة للمراجعة والتوصل إلى الحقيقة أو الى جزء منها، ويصبح الجميع بالتالي أمام الأمر الواقع.
وقد صارت مهارات التقليد والمحاكاة عالية رفيعة المستوى -في مجالات كثيرة- بحيث يصعب حتى على المتخصصين كشف الزيف والتقليد، فما بالك بغير المتخصصين؟ ولكن يبقى دائمًا أن المكسب الحقيقي لا يداخله غش ولا زيف ولا يقبل إراقة دماء بريئة ولا يحب إلا ما هو شريف .