إسطنبول (زمان عربي) – اعتقلت قوات الأمن التركية الكاتب الصحفي المخضرم محمد بارانصو الذي كشف عن تنظيم غير شرعي داخل الجيش كان يستعد للقيام بانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية عُـرف باسم “مخطط انقلاب عملية باليوز أو المطرقة الثقيلة”.
وكان رجب طيب أردوغان الذي كان يتولى منصب رئيس الوزراء آنذاك افتخر كثيرًا بعد الكشف عن هذه المخططات واعتقال الجنرالات والجنود المتهمين لدرجة أنه قال للرأي العام “لقد قضينا على الانقلابيين” ولفت إلى أن ذلك من أحد نجاحات الحكومة.
إلا أن أردوغان وحكومته الذين أصبحوا في مواقف حرجة للغاية عقب أعمال الفساد والرشوة التي طالت رموزا كبيرة من مسؤولي الحكومة والتي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، اتخذ قرارا بالإفراج عن الجنرالات والمسؤولين في الجيش الذين تمت محاكمتهم بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب في عمليتي أرجينكون وباليوز وذلك من أجل كسب دعم عناصر الدولة العميقة.
واللافت أن قوات الأمن شنت عمليات لاعتقال الصحفيين ورجال الأمن الذين كشفوا عن مخططات الانقلاب. حيث اعتقلت أمس الكاتب محمد بارانصو بتهمة الحصول على وثائق للدولة ينبغي أن تبقى سرية بعدما قامت قوات الأمن بتفتيش منزله لمدة 10 ساعات. وتبين من خلال التحقيق معه في مديرية الأمن والنيابة العامة أنه تم اعتقاله بسبب ممارسته لأعماله الصحفية. كما اعتبر الإفصاح عن مخططات الانقلاب التي أثارت سخط الرأي العام جريمة يعاقب عليها.
إلا أن بارانصو رفض كل التهم الموجهة إليه لافتا إلى أنه يؤدي مهنته الصحفية وقال: “لقد كنت شاعرا بالمسؤولية أثناء نشري تلك المخططات، ولم أنشر أية وثيقة خاصة بالدولة التي من المفترض أن تبقى سرية. لقد نشرت فقط عن أولئك الذين حاولو تدمير إسطنبول ومحاكمة آلاف من الناس في ملاعب كرة القدم وإدخالهم في سجون عسكرية وخططو للإطاحة بالحكومة”.
ولفت في الأسئلة التي وجهت إلي بارانصو في مديرية الأمن الإصرار على سؤاله لمعرفة مصدر الخبر عن طريق انتهاك حق عدم الإفصاح عن مصدر الخبر الذي يكفله القانون ويعتبر أحد المبادئ الأساسية في الصحافة. كما تم اتهامه بتشكيل تنظيم بمفرده بالرغم من أن اتهام شخص بتشكيل تنظيم ما يتطلب وجود ثلاثة أشخاص على الأقل.
وقال بارنصو إنه قام بتسليم النسخ الأصلية من الوثائق إلى النيابة العامة بعد تحرير محضر بذلك، لافتا إلى أنه لم يقم بتحريف أية وثيقة. كما تطرق إلى الأحداث التي وقعت في تلك الفترة قائلا: “قمت مع صحفيين من صحيفة “طرف” التركية هم أحمد ألطان وياسمين تشونجار ويلديراي أوغور وكورتولوش تاييز بفحص هذه الوثائق. ونظرنا في التسجيلات الصوتية، وكذلك الملاحظات الخطية. ووجدنا أنه يتم التخطيط لعمل انقلاب واعتقال العديد من الناس بمن في ذلك المسؤولون الكبار في حزب العدالة والتنمية ورؤساء البلديات وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان والرئيس السابق عبد الله جول. وعليه نشرنا ذلك في الصحف، وعندما طلب المدعي العام طوران تشولاق قاضي منّي هذه الأسطوانات سلمته إيّاها، وسبق وتم اعتقالي مع أحمد ألطان بتهمة الإفصاح عن وثائق الدولة السرية لكنه تمت تبرئتنا بعد ذلك”.
اللافت أن بارنصو المتهم اليوم بالإفصاح عن وثائق سرية حظي في السابق بدعم من السياسيين والصحفيين في عام 2010 عندما قام بنشر الوثائق، وكان رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء آنذاك أحد الذين قالوا إن محاولات الانقلاب هذه كان يتم التخطيط لها للإطاحة بحكومته حيث قال: “هل تظنون أننا لا نسمع عن هذه المخططات قط، إننا لن نسمح أبدا بوقوع هذه المخططات القذرة. تطالعون هذه الأخبار في بعض الصحف في الآونة الأخيرة، ولم يعد هذا الأمر سرًا بعد الكشف عنه”، على حد قوله.