إسطنبول (زمان عربي) – أدت التصريحات شديدة اللهجة التي يطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد رئيس البنك المركزي أردم باشتشي في كل فرصة تتاح له منذ فترة طويلة والذي اتهمه أخيرا بالخيانة الوطنية بسبب عدم خفضه معدلات الفوائد إلى ارتفاع سعر صرف الدولار لأكثر من 2.50 ليرة تركية.
وفي الوقت الذي تتسبب فيه الزيادة في سعر الدولار في زيادة الديون، كان الرابح الأول من لديهم حسابات بالعملة الأجنبية في البنوك. وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن 86 مليار دولار من ودائع العملة الأجنبية البالغة 155 مليار دولار في البنوك تقدر بـ “الدولار الأمريكي”؛ فهذا يعني أن “لوبي الفوائد” حقق أرباحا بقيمة 19 مليار ليرة (نحو 7.6 مليار دولار) بسبب الفارق في سعر الصرف.
وتركيا واحدة من الدول التي تستخدم بصورة كبيرة الدولار في التعاملات الاقتصادية. إذ تتعامل الشركات بالدولار في جزء كبير من استثماراتها، فضلا عن أن البنوك تقترض عشرات مليارات الدولارات من الخارج. وتتسبب الارتفاعات التي طرأت على الدولار في العامين الماضيين في حالة من القلق وعدم الارتياح لدى الشركات.
وبينما كان حجم الديون المترتبة على القطاعين العام والخاص في عام 2011 يبلغ 300 مليار دولار، اقترب حاليًا من 400 مليار دولار حسب معطيات البنك المركزي، حيث يبلغ نحو 276 مليار دولار من هذا الرقم ديون مترتبة على القطاع الخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن سعر الدولار كان يبلغ 2.30 ليرة عند أول تصريح ناري من أردوغان ضد رئيس البنك المركزي أردم باشتشي في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي عندما طالبه بخفض معدلات الفوائد، إلا أنه مع ازدياد حدة النقاش بلغ سعر الدولار الأسبوع الماضي 2.52 ليرة. الأمر الذي يلفت الأنظار إلى تحقيق لوبي العملات الأجنبية أرباحا بمعدل 10 في المئة على الأقل خلال شهر ونصف الشهر.
فضلا عن أن إجمالي الديون الداخلية والخارجية لتركيا ما يقرب من 600 مليار دولار ويمثل الدين الخارجي جزءا كبيرا من هذه الديون.
كما وصلت الفوائد الآن إلى مستوى 7.50% وهو ما يعني أنها تكاد تساوي معدل التضخم. وتعتبر معدلات الفوائد في تركيا قليلة عكس ما يقال عنها مقارنة بالدول المشابهة.
وتقدم روسيا معدلات فوائد أعلى من التضخم، كما توجد في دول مثل الأرجنتين والبرازيل والأسواق النامية فوائد عالية جدًا.
وفي هذا السياق قال أحمد كنعان تانريكولو نائب رئيس حزب الحركة القومية ثاني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا إن تصريحات أردوغان التي تدفع بعض فئات المجتمع إلى ترقب المزيد في عالم الاقتصاد تثير بعض الشكوك.
وأضاف متسائلا: “لماذا يتم التلاعب إلى هذه الدرجة بسعر الصرف؟ وما النفع الذي يعود على الدولة من ذلك. إن الذين يريدون خفض معدلات الفوائد تسببوا في زيادة فوائد المؤشر لأكثر من نقطتين خلال الشهر الأخير. إن لوبي الفوائد هو رجال الأعمال المتجمعين حول هؤلاء الساكنين في القصر الذي بني بطريقة غير قانونية (قصر رئاسة الجمهورية المعروف بالقصر الأبيض) وبعض الوزراء المسؤولين عن إدارة الاقتصاد والذين يسيرون معهم”، على حد تعبيره.
وقال فائق أوزتراق نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا إن الذين لديهم عملات أجنبية وحسابات بالعملة الأجنبية في البنوك ربحوا من ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة. وسيربح كذلك هؤلاء الذين لديهم عملات أجنبية سواء في حسابهم البنكي أو في صناديق الأحذية (في إشارة للأموال التي تم العثور عليه في منازل أبناء الوزراء المخبّأة داخل صناديق أحذية أثناء عملية الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر 2013). أما الذين عليهم ديون بعملات أجنبية وليس في جيوبهم إلا الليرة فهم الذين يخسرون نتيجة ذلك.