أرجون باباهان- صحيفة ملت التركية
تناولت الصحف الموالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة العدالة والتنمية في عناوينها الرئيسيّة التي تصدرت صفحاتها الأسبوع الماضي موضوع الممر الكردي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا. واللافت أن اللهجة الغالبة على أخبار هذه الصحف كانت أن تنظيم الدولة الإسلامية” داعش” هو أهون الشرور؛ ذلك أنها زعمت أن التنظيم سيذوب من تلقاء نفسه خلال عامين أو ثلاثة أعوام، أما الأكراد فسيقيمون دولة باقية.
وبعد مرور أسبوع، لم يفقد حزب الاتحاد الديمقراطي وصفه بأنه عدو، إلا أن داعش ارتفعت إلى المرتبة الأولى فجأة. وتمارس الحكومة ضغطا منجميع النواحي من أجل تدخل الجيش التركي في سوريا بالرغم من أن الجيش محق في عدم رغبته في الدخول إلى مثل هذه المغامرة غير معلومة العواقب.
إن مخططات قصر رئاسة الجمهورية بأنقرة واضحة وهي: الحيلولة دون تشكيل حزب العدالة والتنمية حكومة ائتلافيّة مع المعارضة، والبقاء في الحكم منفردًا في انتخابات مبكرة محتملة عن طريق انتزاع الأصوات من حزب الحركة القومية عبر التدخل في سوريا.
لعبة خطيرة ومجهولة المصير
العالم أجمع يعرف الآن أن حكومة حزب العدالة والتنمية تقدم أسلحة للعناصر المتشددة في سوريا ومن بينها تنظيم داعش، وتقدم لها تسهيلات في عبورها الحدود. ولهذا السبب فلا جدوى من تضليل ناخبيكم في هذا الصدد للحفاظ على تأييدهم. لذلك من الآن فصاعدًا لن تنطلي على أحد حيلة دخولكم إلى سوريا بحجة محاربة تنظيم داعش. ولعل السبب الوحيد في عدم رد القوى الكبرى على دخولكم إلى سوريا هو قولهم: دعوها لتدخل سوريا وترى عواقب ذلك!
أردوغان يرغب في الدخول إلى سوريا للبقاء في الحكم
إننا نواجه عقلية تستعد لإلقاء دولة كبيرة في النيران بسبب جشعها في الحكم. كما أنهم يتجرأون على فعل أي شيء في سبيل ذلك، قائلين سنحول دون إقامة دولة كردية وسنأتي إلى سُدة الحكم منفردين من جديد.
إن الذين لا يرون حقيقة أنهم لا يمكنهم اتخاذ أي خطوات في المنطقة بدون رغبة أمريكا، يصدقون أنهم قادرون بمفردهم على إحباط مخطط وألاعيب واشنطن. إلا أن الحقيقة المؤلمة هي أن تركيا قد تؤثر في التطورات الدائرة في المنطقة ولكن لا يمكن لها أن تحددها.
ولاشك في أن شن الحكومة التركية عملية عسكرية مسلحة محتملة في سوريا لن يكون له أي جدوى سوى انتقال الحريق الموجود في دول العالم الإسلامي إلى تركيا وبدء اشتباكات مسلحة مع الأكراد.
لا بد أن أردوغان يرى كل ليلة أحلاماً مخيفة!
قد يكون أردوغان يرى كل ليلة أحلاماً مخيفة بسبب مصير الإعلام الموالي له ولحكومة العدالة والتنمية المعروف باسم “إعلام الحوض المالي”، ووضع الميزانيات العمومية لبنوك الدولة، وتحقيقات أعمال الفساد التي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، والتعديلات التعسفية التي أدخلت على القوانين، وقطع الميزانية المخصصة لرئيس الجمهورية وقضية وضع دستور جديد للبلاد، والانتقادات الواردة حول قصر أردوغان الفاخر وغيرها كثير..
كل هذه الأمور تشكّل قلقاً كبيراً يشعر به ساكن القصر الأبيض. فلاشك في أنه يرى كل ليلة أحلاماً مخيفة. ولذا فهو يتبع استراتيجية ممنهجة ومخططا لها من أول يوم للتخلص من هذه الأحلام. ويسعى أردوغان لاستقطاب الأصوات لصالحه من جديد عبر سوريا كما فعل في السابق بولنت أجاويد الذي حصل على أصوات من الشعب بفضل الغزو التركي لقبرص ردًا على دعم المجلس العسكري اليوناني للانقلاب على نظام الحكم في قبرص.
يمكن تلخيص هذا الوضع في “ضرب عصفورين بحجر”؛ أي تحقيق غاية الانفراد بالحكم وإجهاض الدولة الكردية المحتمَلة في شمال سوريا.