بروكسل (زمان التركية) – تناول الاتحاد الأوروبي “القومية” وآثارها المدمرة على الشعوب، وشبهها بإدمان الخمر، معتبرًا أن القومية تزيد الدول فقرًا وتضعفها وتشعرها بانعدام الأمن.
وحذرت المفوضية الأوروبية من التأثيرات المدمرة للقومية على المجتمعات خلال الرسالة التي نشرتها بمناسبة ذكرى ضحايا الأنظمة الاستبدادية بالقارة. وأكدت الرسالة التي نشرت في فترة يتنامى فيها التيارات الشعبية اليمينية في أوروبا، أن القومية -التي لجأ إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيا “كحل أخير”- تجعل الدول فقيرة وضعيفة وغير آمنة أخلاقيا.
جيران قتلوا بعضهم ويرقدون سويا في المقبرة
عبر حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي نشر الاتحاد الأوروبي الرسالة التي يعدها خصيصًا من أجل ذكرى ضحايا النازية والستالينية في أوروبا الذين يحيي الاتحاد الأوروبي ذكراهم في حفلات منذ عام 2009.
وخلال الرسالة أشار نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس إلى المقبرة التي يرقد بها الألمان والفرنسيون الذين لقوا حتفهم أثناء الحرب العالمية الأولى، قائلا: “كانت الحرب طريقة حل الأوروبيين لمشكلاتهم منذ مئات السنين، وفي القرن العشرين أقدمنا – الأوروبيون – على انتحار جماعي للمرة الثانية وكانت هذه هي النتيجة. إن تمكن الخوف من مجتمع وأصبحت كراهية الغير قاعدة فإن نهايتنا ستكون هكذا؛ جيران قاتلوا بعضهم البعض في الحربين العالميتين يرقدون بجوار بعضهم في نفس المقبرة”.
أشبه بإدمان الخمرو
أضاف تيمرمانس أن أوروبا تعلمت الدرس وأصبح هذا الأمر خطأ يتوجب عليهم تجنبه، مؤكدًا أن هذا الأمر بات خطرًا يظهر في كل تحد، وأن القومية ليست الرد المناسب عليه.
وشدد تيمرمانس على ضرورة عدم الانخراط في جاذبية كراهية الآخرين أثناء حل المشكلات مثل الإرهاب الجهادي الذي تتعرض له أوروبا، على حد قوله.
ولاحقا ظهر تيمرمانس في متحف المحرقة اليهودية في موقع مخيم حشد ميكلين الذي أقيم في بلجيكا أثناء الحكم النازي وأقدم على تشبيه القومية بإدمان الخمر، مفيدا أنها نشوة قصيرة يعقبها صداع يدوم طويلا.
القومية ليست حبا للوطن
وزعم تيرمانس أن القومية تزيد البلاد فقرًا؛ نظرا لأن توأمها سياسة الحماية تدمر السوق الداخلية وتشل التجارة الدولية، مشيرًا إلى أن القومية تضعف البلاد؛ لأن بحثها الدائم عن عدو وازدرائها الآخرين وحاجتها للشعور بالسيادية يجعل التعاون مع الشعوب الأخرى لضمان الحريات والأمن أكثر صعوبة.
ذكر تيرمانس أيضا أنه في حال ما إن كانت القومية تزيد الدول فقرًا وتضعفها وتشعرها بانعدام الأمن أخلاقيا فكيف يمكن ادعاء كون الشخص محبًا للوطن قائلا: “أزعم أن القومية ليست حبا للوطن. فحب الوطن يعني أن تكون أوروبيا وأن تكون أوروبيا يعني حب الوطن”.
لماذا الآن؟
اللافت في الأمر هو ارتكاز رسالة الاتحاد الأوروبي في ذكرى ضحايا النازية والستالينية في أوروبا لهذا العام على القومية، إذ إن القارة العجوز تشهد مرة أخرى نموًا للتيارات القومية والشعبية واليمينية المتطرفة. وعقب حملة رفض المهاجرين قررت إنجلترا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما وصلت الأحزاب اليمينية والشعبية إلى سدة الحكم في إيطاليا والنمسا والمجر.