أنقرة (زمان التركية) – أكد خبراء ومحللون سياسيون وعسكريون أن التحركات التي قامت بها تركيا في الشهر الأخير أدت إلى تقوية موقف الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرين إلى إمكانية الخروج بنتائج سياسية من التقارب العسكري بين النظام السوري والأكراد.
أوضح الخبراء أن التحركات العسكرية للحكومة التركية في الفترة الأخيرة، جائت عكس هدف الرئيس رجب أردوغان في السابق الإطاحة بنظام الأسد، مشيرين إلى أن الأسد أصبح الآن أمامه فرصة للجلوس مع الأكراد وتركيا على طاولة واحدة.
وأشار الخبراء، إلى أن الحديث عن اتفاقية أضنة، خلال اجتماع الرئيس التركي أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال مباحثات سوتشي، يجبر تركيا على الجلوس مع الأسد.
وفتح الاتفاق بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب أردوغان، هذا الأسبوع، الباب أمام دخول قوات النظام السوري إلى شرق وشمال سوريا لأول مرة منذ سنوات.
ونص الاتفاق المبرم أمس على دخول الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية إلى الطرف السوري من الحدود التركية السورية الواقعة خارج مجال عملية نبع السلام، من أجل ضمان خروج عناصر وحدات حماية الشعب الكردي (YPG) وأسلحتهم إلى خارج منطقة الـ30 كيلو مترًا. وسيتم إتمام هذا الإجراء خلال مهلة 150 ساعة.
وبحسب الخبراء، فإن خضوع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، لسيطرة النظام السوري، سيجعل الأكراد يجلسون للتفاوض مع الأسد في المستقبل السياسي لسوريا.
وأدى زيادة قوة التنظيمات الكردية في شمال سوريا وتسليحها إلى تغيير أهداف تركيا تجاه الملف السوري، حيث أن أولويات تركيا تحولت من دعم العناصر المسلحة من أجل إسقاط الأسد، إلى حماية أمن الحدود فقط.
كانت تركيا تسعى لأن تكون المنطقة الآمنة بطول 444 كيلومترًا وبعمق 30 كيلومترًا، إلا أنها قوبلت برفض من روسيا، واكتفت ببقاء المنطقة التي تسيطر عليها تركيا من خلال نبع السلام بطول 120 كيلومترًا.
وأوضح البروفيسور، إلهان أوزجيل، أن تركيا حصلت على تأييد من روسيا على استمرار سيطرتها على المنطقة الممتدة بطول 120 كيلومترًا، قائلًا: “أصبح هذا هو المكسب الوحيد لتركيا. كان تركيا تستهدف السيطرة على منطقة بطول 444 كيلومترًا، حتى الحدود العراقية، بما في ذلك مدينة القامشلي، ولكنها لم تنجح في ذلك”.
وبحسب اتفاقية سوتشي بين بوتين وأردوغان، فمن المقرر أن يتم سحب تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) خارج منطقة 30 كيلومترًا من الحدود التركية، بالإضافة إلى إخراج عناصر التنظيم من بلدتي منبج وتل رفعت، الخاضعتين لسيطرة قوات النظام السوري.
بينما تظل كل من رأس العين وتل أبيض بيد تركيا كما تم الاتفاق في وقت سابق بين أنقرة والإدارة الأمريكية. فضلًا عن الاتفاق على تسيير دوريات تركية روسية مشتركة بموجب اتفاقية أضنة.
وفي السياق ذاته قال الخبير في الشؤون الروسية، آيدن سيزر، عن اتفاقية سوتشي: “إذا نظرنا إلى كسب أراضٍ جديدة في وجه التنظيمات الكردية، على أنها خطوة لإقامة حزام محيط بالتنظيمات، فإنها ستكون نجاحًا بالتأكيد. ولكن تركيا لن تقوم بتحقيق أمنها على امتداد 444 كيلومترًا حتى الحدود مع العراق كما كانت تريد. وسيقوم النظام السوري بتطهير الحدود. وسيكون الاستثناء الوحيد هو السماح بانتشار تركيا على امتداد 120 كيلومترًا في إطار عملية نبع السلام”.
كما أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة دجلة، وهاب جوشكون، أن الاتفاقية الأخيرة تمنح تركيا حق تواجد قواتها العسكرية في عمق 10 كيلومترًا داخل الحدود السورية، قائلًا: “من الممكن أن يقال عن ذلك إنه ممر آمن، أكثر من كونها منطقة آمنة”.
وأضاف جوشكون: “هدف تركيا الأساسي كان إسقاط نظام الأسد، ولكن الاتفاقيات الأخيرة تركيا عززت من قوة الأسد”، مشيرًا إلى أن الأسد سيطر على منبج وكوباني أولًا قبل بداية أي تحرك عسكري.
وأوضح أن قوات سوريا الديمقراطية تراجعت بسبب تراجع الحماية الأمريكية لها، قائلًا: “لقد أصبحوا مجبورين على التعامل مع الأسد. الحملات الأخيرة، جلعت الأسد في وضع أكثر قوة”.
وأشار جوشكون إلى أن اتفاقية أضنة تعتبر مكسبًا للنظام السوري، قائلًا: “الغرض الرئيسي هو توجيه تركيا للتعامل مع الأسد”.
ويستعد حاليًا جيش النظام السوري لإقامة 15 نقطة مراقبة على الحدود مع تركيا، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، التي قالت إن الاتفاق الروسي – التركي المعلن في سوتشي يشمل إنتشار نقاط مراقبة سورية على الحدود بين البلدين خارج مناطق عمليات الجيش التركي.
–