بقلم: جوست لاجيندجيك
قدَّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعيم تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد العراق والشام (داعش) أبو بكر البغدادي، طوق النجاة لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ليعطياه فرصة على طبق من ذهب للنجاة والتواجد من جديد.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن الصعوبات التي تواجه تركيا كبيرة، وأكثر تعقيدًا، فلا أحد يعتقد أن الولايات المتحدة، أو حلف الناتو، أو بريطانيا يمكن أن تتدخل مباشرة في سوريا والعراق،لكن سوف تستمر عمليات المساعدات التي تقدمها كل من واشنطن، باريس، برلين، ولندن للقوات الكردية، التي تخوض الصراع ضد داعش، وبلا شك فإن أوباما سوف يطلب من أردوغان أن يوضح له موقف تركيا من هذا الأمر.[/box][/one_third]فمنذ انهيار جدار برلين، الذي كان يقسم مدينة برلين إلى شطرين، شرقي وغربي، تعيش مؤسسات الدفاع الغربية في خضم صراعٍ من أجل البقاء، وسواء كان الجميع يشتركون في الفكر ذاته، أم لا، حول حجم التهديد الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي، إبان فترة الحرب الباردة، التي شهدها العالم أجمع، فقد كان حلف الناتو يقوم بمهمة الدفاع عن أراضي الدول الأعضاء، والعمل على حماية حريتهم وأمنهم، من خلال الوسائل السياسية والعسكرية، في مواجهة أي تهديد خارجي، ونظرًا لأن الجميع كان على قناعة بأن روسيا لن تهاجم أي من الدول الغربية المجاورة لها، اتجه الحلف إلى تحويل وجهته إلى إجراء حزمة من الإصلاحات داخل صفوف جيوش القوات المسلحة التابعة للدول الأعضاء، وإرسال قواته إلى مناطق مختلفة من العالم، مثل: دول البلقان وأفغانستان؛ بحجة إحلال السلام أو حماية مبادئه في هذه المناطق.
وعند العودة بالذاكرة إلى الوراء قبل أشهر عدة مضت؛ نجد أن محاولات حلف الناتو لاتخاذ تدابير أمنية للوصول إلى طرق جديدة وفعّالة؛ للحد من نسيان التحالف، قد أصبحت محلًا للنقاش والتكهنات، وقد اهتم الرأي العام بهذه النقاشات.
وأدت التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وتهديدات” داعش”، بالإضافة إلى ما تشهده شبه جزيرة القرم، إلى تغيير ملامح أجندة مؤتمر قمة الحلف التي عقدت في “ويلز” يومي الخميس والجمعة الماضيين، إذ حل خطر تنظيم الدولة الإسلامية وضم روسيا لشبه جزيرة القرم والصراع في أوكرانيا وكيفية مواجهة النفوذ الروسي المتزايد في المناطق الشرقية للحلف، وسياستها العدوانية، على مائدة الناتو في ويلز.
أعلن الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن، الذي أشرفت فترة رئاسته للحلف على الانتهاء، أن أعضاء الحلف الموقعين على المعاهدة التي أسس عليها الحلف، لايزالون ملتزمين بالدفاع عن أي عضو به ضد أي هجوم خارجي، مشددًا على أن مسؤولية إيقاف خطر وتهديدات” داعش” تقع على عاتق المجتمع الدولي بأكمله.
وأضاف الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بُعدا آخر لأزمة تنظيم داعش الإرهابي، من خلال المقالة المشتركة التي كتباها في صحيفة” ذي تايمز البريطانية” قبيل انعقاد قمة الناتو في ويلز؛ فقد أكد الزعيمان على ضرورة كبح جماح الدب الروسي، وفقًا للقوانين والقواعد الدولية، وأهمية التوصل لسبل لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية، الذي ظهر كتهديد جديد للحلف في جناحه الجنوبي.
وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية؛ نجد أن ما يطالب به كلٌ من أوباما وكاميرون لا يُعد أمرًا ممكنًا، ففي الوقت الذي يتجنب فيه العديد من الدول الأوروبية الكبرى، القيام بأعمال استفزازية ضد بوتين، يوجد على الجانب الآخر، من لا يثقون في إمكانية ردع روسيا بالطرق العسكرية، ومن المنتظر أن يناقش الحلف مذكرة تشكيل قوة للتدخل السريع قوامها أربعة آلاف جندي، يمكن تعبئتها خلال 48 ساعة؛ بهدف حماية الدول الأعضاء شرق أوروبا ضد أي عدوان خارجي محتمل.
أما من الناحية السياسية، فقد قرر الحلف ترك الشؤون السياسية والدبلوماسية لأمريكا والاتحاد الأوروبي، اللذان يجهزان لفرض عقوبات جديدة على الشركات الروسية العاملة في مجال البترول والصناعات الدفاعية، وحظر دخولها السوقين الأمريكي والأوروبي.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]بعد انتهاء قمة الناتو التي حاول فيها الحلف أن يكتشف نفسه من جديد ويُعيد ترتيب أوراقه، ستتزايد الضغوط على تركيا لتكون على رأس التحالف المزمع تشكيله في مواجهة داعش، وعلى الرغم من الخطاب العدائي لتركيا تجاه الغرب، وتوجهاتها الأيدولوجية، إلا أنه سيتعين على تركيا اثبات أنها دولة حليفة للناتو ويمكن الوثوق بها.[/box][/one_third]أما بخصوص تركيا؛ فلن تكون هناك نتائج على المدى القريب للدور القائد للحلف، وخطابه المتجدد فيما يتعلق بالقضية الروسية، ومرة أخرى نجد أن تركيا مهددة بخطر الدخول في دوامة العقوبات المالية والاقتصادية ضمن العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وأمريكا على روسيا. فعقب الاتفاقات المبهمة وغير المفهومة التي أجريت مع جارتها الموبوءة بالعقوبات، إيران، نجد أن التصرفات المتهورة لأنقرة، إذ حاولت خرق العقوبات المفروضة على روسيا، لن يكون جيدًا بالنسبة لموقف تركيا أمام أوروبا والولايات المتحدة.
أما عن خطر تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي؛ فإن الصعوبات التي تواجه تركيا كبيرة، وأكثر تعقيدًا، فلا أحد يعتقد أن الولايات المتحدة، أو حلف الناتو، أو بريطانيا يمكن أن تتدخل مباشرة في سوريا والعراق،لكن سوف تستمر عمليات المساعدات التي تقدمها كل من واشنطن، باريس، برلين، ولندن للقوات الكردية، التي تخوض الصراع ضد داعش، وبلا شك فإن أوباما سوف يطلب من أردوغان أن يوضح له موقف تركيا من هذا الأمر، بالإضافة إلى أن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل، الذي يزور تركيا اليوم، سوف يعيد السؤال مرة أخرى على أردوغان.
وكنت قد أوضحت من قبل؛ أن تركيا لن يمكنها الاختباء خلف ادعاءات محاولاتها غلق حدودها مع سوريا، لوقف تدفق البترول والسلاح إلى العناصر المسلحة التابعة للتنظيم، بحجة الدبلوماسيين الأتراك المحتجزين في الموصل شمال العراق.
وبعد انتهاء هذه القمة التي حاول فيها الحلف أن يكتشف نفسه من جديد ويُعيد ترتيب أوراقه، ستتزايد الضغوط على تركيا لتكون على رأس التحالف المزمع تشكيله في مواجهة داعش، وعلى الرغم من الخطاب العدائي لتركيا تجاه الغرب، وتوجهاتها الأيدولوجية، إلا أنه سيتعين على تركيا اثبات أنها دولة حليفة للناتو ويمكن الوثوق بها.