أنقرة (زمان التركية) – لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يثير الجدل بسياساته المتناقضة، حيث إنه يؤكد أنه المدافع الوحيد عن حقوق المسلمين في العالم وفي الوقت ذاته يتغاضى عما يتعرض له أبناء جنسه من الأيغور المسلمين في الصين.
يشير مراقبون إلى أن أردوغان أدرك أن تحول مواقفه تجاه الأويغور لن يضره، ليقرر التخلي عن القضية في محاولة منه للتقرب من حكومة بكين، بغية أن تكون منقذًا للاقتصاد التركي المتعثر.
فقد أكد الناشط الأيغوري عبد الوالي أيوب أن حكومة أردوغان رحّلت مؤخرًا امرأة من مسلمي الأيغور إلى الصين، تحمل اسم “زينة غول تورسون”، بموجب باتفاقية “تسليم المجرمين” بين أنقرة وبكين.
قرار ترحيل تورسون يأتي بعد أيام من زيارة أردوغان الأخيرة لبكين، التي التقى خلالها الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث أشاد بالعلاقات الثقافية والاقتصادية الوثيقة بين البلدين، وتعهد بـ”تعزيز التعاون الأمني” مع الصين.
وذكر التلفزيون الرسمي في الصين، أن الرئيس التركي أردوغان أعلن خلال زيارته للعاصمة الصينية بكين مطلع الشهر الجاري، دعمه للسياسة التي تتبعها الحكومة الصينية في مقاطعة “سنجان” ذات الأغلبية المسلمة في غرب البلاد، زاعمًا أن “الأيغور يعيشون حياة سعيدة في سنجان”.
جاءت تصريحات أردوغان الداعمة لسياسات الحكومة الصينية ضد الأقلية المسلمة الموجودة في مقاطعة سنجان التي يقطنها الأتراك الأويغور من أبناء جنسه، بالرغم من الانتقادات التي تتعرض لها الصين على الساحة الدولية بسبب ملف الأقليات والحريات الدينية.
وكانت الأمم المتحدة أعربت عن قلقها في أغسطس الماضي من التقارير التي تحدثت عن الاحتجاز الجماعي لأعداد كبيرة من الإويغور المسلمين، ودعت إلى إطلاق سراح المحتجزين تحت “ذريعة” الإرهاب.
وأفادت تقارير أممية بأن ما يصل إلى مليون مسلم إويغوري في منطقة سنجان غربي البلاد تم احتجازهم في معسكرات “إعادة التثقيف”.
وكانت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أكدت تلقيها كثيرا من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في “مراكز لمكافحة التطرف”.
وقالت غاي مكدوغال، وهي من لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، إنها تشعر بالقلق إزاء تقارير عن تحول منطقة الإيغور ذات الحكم الذاتي إلى “معسكر اعتقال هائل”.
وتنفي بكين هذه الاتهامات لكنها تقول إن بعض “المتطرفين الدينيين” محتجزون من أجل إعادة تثقيفهم.
وكانت اثنان وعشرون دولة، من بينها إنجلترا وفرنسا وألمانيا، أدانت مؤخرًا حملات الصين على شرق تركستان الصين، مطالبة بالإنهاء الفوري للاعتقالات الجماعية والإفراج عن الأويغور، غير أن اللافت أن تركيا لم توقع على البيان المشترك، رغم أنها كانت تنتقد باستمرار سياسات الصين هذه خلال الفترات السابقة.
يشار إلى أن الشارع الإسلامي يشبه وضع الأويغور المسلمين في الصين بوضع الفلسطينيين أمام ممارسات إسرائيل.
من هم الأيغور؟
الأويغور مسلمون تعود أصولهم إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعتبرون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى. وهم يشكلون نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة.
وأعلن الأويغور الاستقلال لفترة وجيزة في أوائل القرن العشرين، ولكن المنطقة خضعت بالكامل لسيطرة الصين الشيوعية عام 1949.
ومنذ ذلك الحين، انتقل عدد كبير من عرقية الهان الصينية إلى الإقليم، فيما تخشى عرقية الأويغور من اندثار ثقافتهم.
وتتمتع شينجيانغ بالحكم الذاتي داخل الصين مثل إقليم التبت في جنوب البلاد.