أرجون باباهان
قال رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الكردي في تركيا صلاح الدين دميرطاش، ردًا على أسئلة صحيفة” جمهوريت” إنه من الصعب أن يحافظ حزب العدالة والتنمية على بقائه في السلطة بمفرده، وإذا حدث ذلك فإنهم سيدعمون حكومة الأقلية التي يشكلها حزب العدالة والتنمية شريطة الاتفاق على المبادئ.
نحن أمام مقاربة منطقية موجَّهة إلى مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية من قِبل سياسي تعرَّضت مكاتب حزبه للهجوم بالقنابل ويوصف كل يوم في الميادين في مؤتمرات العدالة والتنمية الانتخابية بأنه إرهابي.
لقد أوصل حزب الشعوب الديمقراطية مفاوضات السلام مع حزب العدالة والتنمية إلى نقطة معينة، وهو يريد أن يكمل الطريق مع الحزب الحاكم شريطة تخلصه من سيطرة القصر أو رئيس الجمهورية.
ولا شك في أن هذه النقطة هي بمثابة مربط الفرس في الموضوع…
هل يستطيع حزب العدالة والتنمية أن يتخلص من سيطرة القصر أو الرئيس أردوغان؟
من المؤكد أن أردوغان سيسند مهمة تشكيل الحكومة إلى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو مرة ثانية، بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحجزها حزب العدالة والتنمية في البرلمان القادم. أما ما بعد ذلك فهو مجهول بالنسبة للجميع.
خشية خسارة الكرسي…
أشك في أن الحزب الحاكم سيقبل يد السلام التي يمدها دميرطاش، فما نعيشه اليوم في تركيا هو نتيجة الإدارة الاستبدادية لهذا الحزب، ولا ريب في أن أردوغان يرغب في أن يستمر النظام القائم كما هو. وفي الواقع فإن أردوغان راض بمواصلة توليه منصبه من خلال الدستور الحالي، وليس النظام الرئاسي أمرا حتميا بالنسبة له كما هو شائع لدى الرأي العام.
ففي الوقت الذي لا يوجد فيه مستشار أو صاحب مجموعة إعلامية يعلن حبه وولاءه لداود أوغلو، نجد الجميع ينتافسون فيما بينهم كي يرضوا أردوغان، بمن فيهم داود أوغلو نفسه الذي يخشى أن يفقد منصبه عقب الانتخابات المقبلة، ولهذا فهو يحاول أن يبرهن على ولائه لأردوغان باستمرار في ميادين الدعاية الانتخابية.
وكما قلت، فالهدف الرئيس لأردوغان هو أن يبقى حزب العدالة والتنمية في السلطة بمفرده، وليس إقرار النظام الرئاسي؛ إذ إن سيطرته على الحكومة والبرلمان تعني ممارسته هذا النظام على أرض الواقع، الذي يسمح بألا تتم أية مناقصة ولا يمر أي قانون من البرلمان من دون موافقته.
فرضية انتخابات جديدة بحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان
إلا أن انخفاض عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية بالبرلمان ليكون أقلية سيقلب الأوضاع رأسًا على عقب، وسيكون لدعم حزب الشعوب الديمقراطية من الخارج دورا كبيرا ، إذ إن هذا الحزب سيرغب في حماية الأصوات التي حصل عليها بل وسيعمل على زيادتها.
ربما يكون معنى ذلك العودة إلى الديمقراطية والتخلص من سلطة “الرجل الأوحد” وقد تتيسر إعادة فتح ملفات الفساد، ذلك أنه لن يستطيع حزب زيادة نسبة أصواته بسهولة إذا لم تفتح ملفات الفساد ويتم التحقيق فيها.
ليس من الممكن أن يوافق أردوغان على تنفيذ سيناريو كهذا؛ إذ يعني هذا نهاية سيطرته المطلقة على الدولة. ولهذا السبب فإن السيناريو أو الفرضية التي وضعها الصحفي دوغان صاتميش، الكاتب بجريدة جمهوريت، ستكون أكثر منطقية. وهو إن فشل حزب العدالة والتنمية في تشكيل الحكومة بمفرده، سيكلِّف أردوغان رئيس الوزراء داود أوغلو بتشكيل حكومة أقلية. وفي حالة فشل هذه الحكومة في الفوز باقتراع الثقة في البرلمان سيحل البرلمان وسيخوض انتخابات أخرى بحزب العدالة والتنمية الذي سيرأسه أردوغان بنفسه. وربما يكون ذلك ضمانة بقاء الحزب بمفرده في السلطة لأن نسبة أصوات أردوغان الشخصية هي أكثر من 5 إلى 6% من أصوات الحزب.